بيان إعجاز القرآن

المؤلف:: أبو سليمان الخطابي
الناشر:: دار المعارف - مصر
سنة النشر:: 1976
الصفحات:: 50
الغلاف:: https://i.gr-assets.com/images/S/compressed.photo.goodreads.com/books/1526203345l/33797761._SX318_.jpg
الصيغة:: EPUB, PDF
الرابط:: https://www.goodreads.com/book/show/33797761
ISBN::
الحالة:: كتاب/مكتمل
التسميات:: كتاب/البناء_المنهجي
الغرض:: الدين
المعرفة:: القرآن وعلومه,
التدريب:: دورة البناء المنهجي,
المؤثر:: الشيخ أحمد بن يوسف السيد,
تاريخ القراءة:: 2022-12-18
معالج:: 1
تقييم الفائدة المستقبلية::

المهام:


    • فدل النظر وشاهد العِبر على أَن السبب له، والعلة فيه أَن أَجناس الكلام مختلفة، ومراتبها في نسبة التبيان متفاوتة، ودرجاتها في البلاغة متابينة غير متساوية؛ فمنها البليغ الرصين الجزل، ومنها الفصيح القريب السهل؛ ومنها الجائز الطلق الرَّسْلُ. وهذه أَقسام الكلام الفاضل المحمود دون النوع الهجين المذموم، الذي لا يوجد فى القرآن شيء منه أَلبتة. فَالقسم الأول أَعلى طبقات الكلام وأَرفعه، والقسم الثاني أَوسطه وأَقصده، والقسم الثالث أدناه وأَقربه؛ فحازت بلاغاتُ القرآن من كل قسم من هذه الأقسام حصةً، وأَخذت من كل نوع من أنواع شعبة، فانتظم لها بامتزاج هذه الأوصاف نمط من الكلام يجمع صفتي الفخامة والعذوبة، وهما على الانفراد في نعوتهما كالمتضادين لأن العذوبة نتاج السهولة. والجزالة والمتانة تعالجان نوعًا من الوعورة، فكان اجتماع الأمرين في نظمه مع نبوّ كل واحد منهما على الآخر فضيلة خص بها القرآن، يسرها الله بلطيف قدرته من أمره ليكون آية بينة لنبيه، ودلالة له على صحة ما دعا إليه من أمر دينه. ص 26

    • وإنما يقوم الكلام بهذه الأشياء الثلاثة: لفظ حامل، ومعنى به قائم، ورباط لهما ناظم. وإذا تأَملت القرآن وجدت هذه الأمور منه في غاية الشرف والفضيلة حتى لا ترى شيئًا من الألفاظ أفصح ولا أجزل ولا أعذب من ألفاظه، ولا ترى نظمًا أحسن تأليفًا وأشد تلاؤمًا وتشاكلاً من نظمه. وأما المعاني فلا خفاءَ على ذي عقل أنها هي التي تشهد لها العقول بالتقدم في أبوابها. والترقي إلى أعلى درجات الفضل من نعوتها وصفاتها. ص 27

    • واعلم أن القرآن إنما صار معجزًا لأَنه جاءَ بأَفصح الألفاظ في أحسن نظوم التأليف مضمنًا أصح المعاني، من توحيد له عزت قدرته، وتنزيه له فى صفاته، ودعاء إلى طاعته، وبيان بمنهاج عبادته؛ من تحليل وتحريم، وحضر وإباحة، ومن وعظ وتقويم وأمر بمعروف ونهي عن منكر، وإرشاد إلى محاسن الأخلاق، وزجر عن مساوئها، واضعًا كل شيءٍ منها موضعه الذي لا يرى شيء أولى منه، ولا يرى في صورة العقل أمر أليق منه، مودعًا أخبار القرون الماضية وما نزل من مَثُلات الله بمن عصى وعاند منهم، منبئًا عن الكوائن المستقبلة في الأَعصار الباقية من الزمان، جامعًا في ذلك بين الحجة والمحتج له، والدليل والمدلول عليه، ليكون ذلك أوكد للزوم مادعا إليه، وإنباء عن وجوب ما أمر به، ونهى عنه. ص 27-28

    • والحمد والشكر قد يشتركان أيضًا، والحمد لله على نعمة أي الشكر لله عليها، ثم قد يتميز الشكر عن الحمد في أشياءَ؛ فيكون الحمد ابتداءً بمعنى الثناء، ولا يكون الشكر إلا على الجزاء. تقول: حمدت زيدًا إذا أثنيت عليه فى أخلاقه ومذاهبه وإن لم يكن سبق إليك منه معروف. وشكرت زيدًا إذا أردت جزاءَه على معروف أسداه إليك، ثم قد يكون الشكر قولًا كالحمد، ويكون فعلاً كقوله جل وعز: {اعملوا آل داوود شكرًا}. وإذا أردت أن تتبين حقيقة الفرق بينهما اعتبرت كل واحد منهما بضده. وذلك أن ضد الحمد الذم، وضد الشكر الكفران. وقد يكون الحمد على المحبوب والمكروه، ولا يكون الشكر إلا على المحبوب. ص 30

    • وفي إعجاز القرآن وجهًا آخر ذهب عنه الناس فلا يكاد يعرفه إلا الشاذ من آحادهم، وذلك صنيعه بالقلوب وتأثيره في النفوس، فإنك لا تسمع كلاماً غير القرآن منظوما ولا منثورا، إذا قرع السمع خلص له إلى القلب من اللذة والحلاوة في حال، ومن الروعة والمهابة في أخرى ما يخلص منه إليه، تستبشر به النفوس وتنشرح له الصدور، حتى إذا أخذت حظها منه عادت مرتاعة قد عراها الوجيب والقلق، وتغشاها الخوف والفرق، تقشعر منه الجلود وتنزعج له القلوب، يحول بين النفس وبين مضمراتها وعقائدها الراسخة فيها؛ فكم من عدو للرسول ﷺ من رجال العرب وفتاكها أقبلوا يريدون اغتياله وقتله فسمعوا آيات من القرآن، فلم يلبثوا حين وقعت في مسامعهم أن يتحولوا عن رأيهم الأول، وأن يركنوا إلى مسالمته، ويدخلوا في دينه، وصارت عداوتهم موالاة، وكفرهم إيمانا. ص 70


    Last update : August 31, 2023
    Created : January 2, 2023

    Comments

    Comments