Skip to content

فصول في أصول التفسير

المؤلف:: مساعد بن سليمان الطيار
الناشر:: دار بن الجوزي
سنة النشر:: 2015
الصفحات:: 183
الغلاف:: https://i.gr-assets.com/images/S/compressed.photo.goodreads.com/books/1440310587l/26149216._SX318_.jpg
الصيغة:: EPUB, PDF
الرابط:: https://www.goodreads.com/book/show/26149216
ISBN::
الحالة:: كتاب/مكتمل
التسميات:: كتاب/البناء_المنهجي
الغرض:: الدين
المعرفة:: القرآن وعلومه,
التدريب:: دورة البناء المنهجي,
المؤثر:: ,
تاريخ القراءة:: 2022-12-12
معالج:: 1
تقييم الفائدة المستقبلية::

المهام:


    التمهيد

    • (علم أصول التفسير)، وهو في الحقيقة جزء من علوم القرآن، وإن كان بعضهم يجعله مرادفاً لمصطلح علوم القرآن.

    • تشتمل مباحث علوم القرآن على جانبين: جانب نظري بحت، وجانب نظري تطبيقي.

    • فالأول: كعلم عدد الآي، ومعرفة الصيفي والشتائي، والمنامي، والسفري والحضري من النزول… ونحوها.

    • والثاني: كقصص القرآن، وأمثال القرآن، وأقسام القرآن… ونحوها.

    • مما يعين في التحقيق، ويثري البحث، الرجوع إلى ما كتبه المتقدِّمون ممن نقل عنهم الزركشي والسيوطي؛ لأنهما في الغالب يلخِّصان مسائل الكتاب، وقد يكون فيما تركوا من مسائله علم يحتاج إليه في علوم القرآن.ومما يعين ـ كذلك ـ جرد مصنفات الحديث وكتب الآثار لتحصيل ما فيها من الأحاديث والآثار في موضوعات (علوم القرآن).

    أصول التفسير

    التفسير في اللغة والاصطلاح

    • الأصل في اللغة: أسفل الشيء، ويطلق الأصل على مبدأ الشيء، وما يبنى عليه غيره.

    • والتفسير في اللغة: مأخوذ من مادة (فَسَرَ)، وهي تدل على ظهور الشيء وبيانه، ومنه الكشف عن المعنى الغامض.

    • وأصول التفسير: هي الأسس والمقدمات العلمية التي تعين على فهم التفسير، وما يقع فيه من الاختلاف، وكيفية التعامل معه.

    • يدور محور الدراسة في هذا العلم بين أمرين: كيف فُسِّر القرآن؟ وكيف نفسِّر القرآن؟

    • في اﻷولى يكون الرجوع إلى تفاسير السابقين ومعرفة مناهجهم وطرقهم فيها، خاصة تفاسير السلف التي تُعَدُّ العمدة في هذا العلم.

    • وفي الثانية يكون الاعتماد على ما قُعِّدَ من أصول في تفاسير السابقين، لكي يُعتَمد الصحيح في التفسير، ويتجنب الخطأ فيه.

    • الكتب التي كتبت في هذا العلم سارت على ثلاثة مناهج:

    • ما غلب موضوعات علوم القرآن.
    • ما اعتمد مسائل أصول الفقه المتعلقة بالقرآن، ودرسها من باب التفسير.
    • كتب قعَّدت مسائل من هذا العلم؛ ككتاب (مقدمة في أصول التفسير) لشيخ الإسلام ابن تيمية.

    مراجع أصول التفسير

    1. كتب مصدرة باسم (أصول التفسير)

    • «مقدمة في أصول التفسير»، لشيخ الإسلام ابن تيمية.
    • «أصول في التفسير» للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين.

    2. مقدمات المفسرين

    • مقدمة ابن كثير.
    • مقدمة النكت والعيون، للماوردي.
    • مقدمة التحرير والتنوير.

    3. كتب علوم القرآن

    • ومن هذه الكتب:كتاب «البرهان في علوم القرآن» لبدر الدين الزركشي (ت:794هـ)، وكتاب «الإتقان في علوم القرآن» لجلال الدين السيوطي.

    4. كتب التفاسير

    • استقراء كتب التفسير أهم هذه المراجع، وبه تظهر فوائد هذا العلم.
    • ومن أهم الكتب التي يمكن استقراؤها في التفسير كتب المحققين الذين يعتمدون النقاش والترجيح بعد نقل الأقوال. ومن هذه الكتب على سبيل المثال:
      1. تفسير الإمام الطبري.
      2. تفسير ابن عطية.

    موضوعات أصول التفسير

    • ليس هناك تحديد دقيق لموضوعات هذا العلم، وذلك لأن النظر إلى موضوع (أصول التفسير) يختلف من مؤلف إلى آخر.

    • من أهم موضوعات هذا العلم:

    1. حكم التفسير وأقسامه.
    2. طرق التفسير.
    3. التفسير بالرأي والمأثور.
    4. الأصول التي يدور عليها التفسير.
    5. طريقة السلف في التفسير.
    6. أسباب الاختلاف في التفسير.
    7. أنواع الاختلاف في التفسير.
    8. الإجماع في التفسير.
    9. توجيه أقوال السلف
    10. توجيه القراءات.
    11. أساليب التفسير.
    12. كليَّات القرآن
    13. قواعد عامة في التفسير.
    14. القواعد الترجيحية في التفسير.

    حكم التفسير وأقسامه

    حكم التفسير

    • وتعلُّم التفسير واجب على الأمة من حيث العموم، أما الأفراد فعلى كلٍّ منهم واجبٌ منه، وهو ما يقيمون به فرائضهم، ويعرفون به ربهم.

    أقسام التفسير

    • للتفسير أقسام عدة، وكل قسم مبني على اعتبار، ويكون هذا الاعتبار بالنظر إلى جهة من جهات التفسير.ويمكن تقسيم هذه الاعتبارات إلى ما يلي:
    1. باعتبار معرفة الناس له.
    2. باعتبار طريق الوصول إليه.
    3. باعتبار أساليبه.
    4. باعتبار اتجاهات المفسرين فيه.
    1. باعتبار معرفة الناس له
    • قسَّم حبر الأمة ابن عباس التفسير، وجعله أربعة أوجه:
    1. وجه تعرفه العرب من كلامها.
    2. وتفسير لا يعذر أحد بجهله.
    3. وتفسير يعلمه العلماء.
    4. وتفسير لا يعلمه إلا الله، ومن ادعى علمه فقد كذب.
    • الوجه الأول: ما تعرفه العرب من كلامها: يشمل هذا القسم ألفاظ القرآن، وأساليبه في الخطاب،

    • وهذا الوجه من فروض الكفاية، إذ لا يجب على كل مسلم معرفة جميع المعاني اللغوية والأساليب الكلامية الواردة في القرآن. وقد يرتقي إلى الواجب إذا توقف عمل الواجب على هذه المعرفة.

    • الوجه الثاني؛ ما لا يعذر أحد بجهله: وهذا يشمل الأمر بالفرائض، والنهي عن المحارم، وأصول الأخلاق والعقائد.

    • هذه كلها داخلة ضمن الواجب الذي يجب على المسلم تعلمه من التفسير.

    • الوجه الثالث؛ ما تعلمه العلماء: ومما يشمله هذا القسم، ما تشابه منه على عامة الناس، وما يستنبط منه من فوائد وأحكام.حكمه:وهذا القسم من فروض الكفاية.

    • الوجه الرابع؛ ما لا يعلمه إلا الله، ومن ادعى علمه فقد كذب: ويشمل هذا حقائق المغيبات، ووقت وقوعها

    • وهذا النوع غير واجب على أحد، بل من تجشم تفسيره فقد أثمَ وافترى على الله وادعى علماً لا يعلمه إلا الله سبحانه.
    2. باعتبار طريق الوصول إليه
    • ينقسم بهذا الاعتبار إلى قسمين:
    • الأول: ما يكون طريق الوصول إليه الأثر، وهو التفسير بالمأثور.
    • الثاني: ما يكون طريق الوصول إليه الاجتهاد، وهو التفسير بالرأي.
    3. باعتبار أساليبه
    • ينقسم بهذا الاعتبار إلى أربعة أقسام:
      1. التفسير التحليلي.
      2. التفسير الإجمالي.
      3. التفسير المقارن.
      4. التفسير الموضوعي.
    أولاً: التفسير التحليلي
    • هذا القسم هو الغالب على التفاسير، ويعمد المفسر بهذا الأسلوب إلى التحليل في الآية، فيبين سبب نزولها، وبيان غريبها، وإعراب مشكلها، وبيان مجملها… إلخ، ومن أمثلته: تفسير ابن عطية والآلوسي.
    ثانياً: التفسير الإجمالي
    • يعمد المفسر بهذا الأسلوب إلى بيان المعنى العام للآية دون التعرض للتفاصيل؛ كالإعراب واللغة والبلاغة والفوائد وغيرها.ومن أمثلته: تفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، كذلك في تفسير المراغي وأبي بكر الجزائري.
    ثالثاً: التفسير المقارن
    • يعمد المفسر بهذا الأسلوب إلى قولين في التفسير، ويقارن بينهما مع ترجيح ما يراه راجحاً. ومن أمثلته: تفسير ابن جرير الطبري.
    رابعاً: التفسير الموضوعي
    • يعتمد هذا الأسلوب على دراسة لفظة، أو جملة، أو موضوع في القرآن، وهو أقسام:
      1. أن يكون عرض الموضوع من خلال القرآن كله؛ كموضوع (صفات عباد الرحمن في القرآن).
      2. أن يكون عرض الموضوع من خلال سورة؛ كموضوع (الأخلاق الاجتماعية في سورة الحُجرات).
      3. أن يستعرض المفسر لفظة أو جملة قرآنية، ويبين معانيها في القرآن؛ كلفظة (الأمة في القرآن)، وجملة {الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [المائدة: 52] في القرآن.
    4. باعتبار اتجاهات المفسرين فيه
    • المراد بالاتجاه: الوجهة التي قصدها المفسر في تفسيره وغلبت عليه، أو كانت بارزة في تفسيره، بحيث تميز بها عن غيره.

    • والاتجاهات في التفسير لها اعتبارات،

    • فمنها ما يكون بالنظر إلى المذهب العقدي للمفسر، فمثلاً: الاتجاه السلفي، يمثله: تفسير ابن جرير وابن كثير والشنقيطي. والاتجاه المعتزلي، يمثله: تفسير الزمخشري. والاتجاه الأشعري، يمثله: تفسير الرازي.
    • ومنها ما يكون بالنظر إلى العلم الذي غلب على التفسير، ومن أمثلته:
      • كتاب «معاني القرآن» للفراء، و«مجاز القرآن» لأبي عبيدة، وتمثِّل الاتجاه اللغوي.
      • كتاب «إعراب القرآن» للنحاس، و «البحر المحيط» لأبي حيان، و «الدر المصون» للسمين الحلبي، وتمثل الاتجاه النحوي.
      • كتاب «الكشاف» للزمخشري، و «التحرير والتنوير» للطاهر بن عاشور، وتمثل الاتجاه البلاغي.

    طرق التفسير

    للتفسير ستة طرق، والذي يذكر منها غالباً أربعة:

    1. تفسير القرآن بالقرآن:

    2. بيان المجمل.

    3. تقييد المطلق.
    4. تخصيص العام.
    5. تفسير المفهوم من آية بأخرى.
    6. تفسير لفظة بلفظة.
    7. تفسير معنى بمعنى.
    8. تفسير أسلوب في آية بأسلوب في آية أخرى.

    9. تفسير القرآن بالسنة:

    10. أن يبتدأ النبي. ﷺ. الصحابة بالتفسير.

    11. أن يشكل على الصحابة فهم أية فيفسرها لهم.
    12. أن يذكر في كلامه ما يصلح أن يكون تفسيراً.
    13. أن يتأول القرآن فيعمل به.

    14. تفسير القرآن بأقوال الصحابة:

    • مصادر الصحابة في التفسير:
      1. القرآن الكريم.
      2. السنة النبوية.
      3. اللغة العربية.
      4. أهل الكتاب.
      5. الفهم والاجتهاد.
    1. تفسير القرآن بأقوال التابعين:
    • مصادر التابعين في التفسير:
      1. القرآن الكريم.
      2. السنة النبوية.
      3. الصحابة.
      4. اللغة العربية.
      5. أهل الكتاب.
      6. الفهم والاجتهاد.
      7. تفسير القرآن باللغة
      8. تفسير القرآن بالرأي والاجتهاد
    1. تفسير القرآن باللغة

    2. تفسير القرآن بالرأي والاجتهاد

    أولاً: تفسير القرآن بالقرآن

    • تفسير القرآن بالقرآن أبلغ التفاسير، وذلك لأن كل قائل أعلم بقوله من غيره.

    • وقد فسَّر الرسول صلّى الله عليه وسلّم القرآن بالقرآن؛ كما في حديث ابن مسعود في الصحيحين: لما نزلت آية: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]، فسَّرها الرسول صلّى الله عليه وسلّم بقوله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13].

    • وقد اعتنى بهذا الطريق من السلف المفسر عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقد ظهر هذا واضحاً من خلال المرويات عنه في تفسير الطبري. وقد كان لابن كثير عناية بهذا الطريق في تفسيره.

    • وأفضل مؤلَّف موجود الآن في هذا النوع كتاب الإمام الشنقيطي (ت:1393هـ) الذي أسماه «أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن»، وقد قدم له بمقدمة مهمة في أنواع بيان القرآن للقرآن، وتوسع فيها كثيراً.

    أنواع تفسير القرآن بالقرآن
    • ومن هذه الأنواع على سبيل المثال:
    1. بيان المجمل.
    2. تقييد المطلق.
    3. تخصيص العام.
    4. تفسير المفهوم من آية بآية أخرى.
    5. تفسير لفظة بلفظة.
    6. تفسير معنى بمعنى.
    7. تفسير أسلوب في آية بأسلوب في آية أخرى
    1. بيان المجمل
    • المجمل ما احتاج إلى بيانٍ.
    • فقوله تعالى: {إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} مجمل في هذا السياق ولم يبيَّن، وبيَّنه الله سبحانه بقوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} إلى قوله: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ}.
    2. تقييد المطلق
    • المطلق: هو المتناول لواحد لا بعينه.
    • ومن أمثلته قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} [آل عمران: 90]. قال بعض العلماء: يعني إذا أخروا التوبة إلى حضور الموت، فتابوا حينئذٍ.
    • يشهد له قوله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} [النساء: 18]، فالإطلاق الذي في الآية الأولى ذكر مقيِّدُه في الآية الثانية
    3. تخصيص العام
    • العام: هو الكلام المستغرق لما يصلح له بحسب الواقع دفعة بلا حصر، وصيغه وألفاظه كثيرة، وقد ذكر كثير من العلماء أن ألفاظ القرآن على عمومها حتى يأتي ما يخصصها.

    • ومن أمثلته قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] فهذا حكم عام في جميع المطلقات، ثم أتى ما يخصِّص من هذا العام الحوامل، وهو قوله تعالى: {وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4].

    4. تفسير المفهوم من آية بآية أخرى
    • المفهوم: هو ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق.

    • قوله تعالى: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15]

    • وهذا المفهوم من الآية يدل عليه قوله تعالى: {وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ - إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22، 23]

    5. تفسير لفظة بلفظة
    1. بيان غريب الألفاظ: وذلك أن يرد في سياق لفظٌ غريب ثم يُذْكَر في موضع آخر معنى أشهر من ذلك اللفظ، ومثاله قوله تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} [هود: 82]. وفي موضع آخر قال: {لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ} [الذاريات: 33]
    2. بيان المراد باللفظة في السياق: مثل قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} [الأنبياء: 30]، فُسِّرت بقوله: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ - وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} [الطارق: 11، 12]، وقوله: {فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ - أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا - ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا} [عبس: 24 - 26].
    6. تفسير معنى بمعنى
    • مثل تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ} [النساء: 42] بقوله تعالى: {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} [النبأ: 40].
    7. تفسير أسلوب في آية بأسلوب في آية أخرى
    • مثل قوله تعالى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: 58] أي: دخولنا ذلك حطة. فهو مثل قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ} [الأعراف: 164] أي: موعظتنا إياهم معذرة إلى ربكم، فالأسلوب في الآيتين متشابه في قوله: {حِطَّةٌ} و {مَعْذِرَةً}.

    ثانيا: تفسير القرآن بالسنة النبوية

    • قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44].

    • السنة وحي من الله لقوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 4]، ولذا فهي بمنزلة القرآن في الاستدلال، وهي أصل في فهم القرآن؛ لقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ}، وهذا يعني أنه لا يمكن الاستغناء عن البيان النبوي؛ لأنه لا أحد من خلق الله أعلم بمراد الله من رسوله صلّى الله عليه وسلّم.

    الأنواع المستنبطة في تفسير الرسول صلّى الله عليه وسلّم للقرآن
    1. أن يبتدأ الصحابة بالتفسير فينص على تفسير آية أو لفظة، وله أسلوبان:
    • أن يذكر التفسير، ثم يذكر الآية المفسَّرة.
    • أن يذكر الآية المفسَّرة، ثم يذكر تفسيرها.
    1. أن يشكل على الصحابة فهم آية فيفسرها لهم.

    2. أن يذكر في كلامه ما يصلح أن يكون تفسيراً للآية.

    3. أن يتأول القرآن، فيعمل بما فيه من أمر، ويترك ما فيه من نهي.

    1. أن يبتدأ الصحابة بالتفسير فينص على تفسير آية أو لفظة
    أ. أن يذكر التفسير ثم يذكر الآية المفسَّرة
    • مثاله: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَانُ وُدًّا} [مريم: 96]. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا أحبَّ الله عبداً نادى: يا جبريل إني أحببت فلاناً فأحبه، قال: فينادي في السماء، ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض، فذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَانُ وُدًّا}، وإذا أبغض الله عبداً نادى: يا جبريل، إني أبغضت فلاناً فينادى في السماء، ثم تنزل له البغضاء في الأرض».
    ب. أن يذكر الآية الكريمة المفسَّرة، ثم يذكر تفسيرها
    • مثاله: قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60]. عن أبي علي ثمامة بن شفي أنه سمع عقبة بن عامر رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو على المنبر يقول: «{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي».
    2. أن يشكل على الصحابة فهم آية فيفسرها لهم
    • عن عبد اللهِ بن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} الآية [الأنعام: 82]، شق ذلك على المسلمين فقالوا: يا رسول الله، أينا لم يظلم نفسه؟! قال: «ليس ذلك، إنما هو الشرك، ألم تسمعوا ما قال لقمان لابنه وهو يعظه: {يَابُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13].
    3. أن يذكر في كلامه ما يصلح أن يكون تفسيراً للآية
    • مثاله: قوله تعالى: {وَجِيىءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} [الفجر: 23]. عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام، لكل زمام سبعون ألف ملك يجرونها».
    4. أن يتأول القرآن فيعمل بما به من أمر
    • مثاله: قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} [النصر: 3]. عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما صلى النبي صلّى الله عليه وسلّم صلاة بعد أن نزلت عليه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} إلا يقول فيها: «سبحانك ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي»، وفي رواية عند البخاري عن عائشة: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» يتأول القرآن.

    ثالثا: تفسير القرآن بأقوال الصحابة

    • وقد ذكر العلماء أسباباً لرجوع المفسر إلى أقوالهم، وهي:
    1. أنهم شهدوا التنزيل وعرفوا أحواله.
    2. أنهم أهل اللسان الذي نزل به القرآن.
    3. أنهم عرفوا أحوال من نزل فيهم القرآن من العرب واليهود.
    4. سلامة مقصدهم.
    5. حسن فهمهم.
    مصادرهم في التفسير
    • كان الصحابة يرجعون في تفسيرهم للقرآن إلى مصادر يستفيدون منها حال تفسيرهم للقرآن، ومنها:
    1. القرآن الكريم.
    2. السنة النبوية.
    3. اللغة العربية.
    4. أهل الكتاب.
    5. الفهم والاجتهاد.
    1. القرآن الكريم
    • ومن أمثلة ذلك تفسير قوله تعالى: {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} [الطور: 5]، قال خالد بن عرعر: سمعت عليّاً يقول: السقف المرفوع: هو السماء، وقال: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ} [الأنبياء: 32].
    2. السنة النبوية
    • ومن أمثلة ذلك تفسير ابن عباس لقوله تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: 30] قال فيه: «فوضع قدمه فقالت حين وضع قدمه فيها: قدٍ قدٍ. .. إلخ»، فابن عباس فسر هذه الآية بما جاء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وإن لم يسنده مباشرة إليه، وهذا يأتي غالباً فيما لا مجال للعقل فيه.
    3. اللغة العربية
    • ومن ذلك تفسير ابن عباس لقوله تعالى: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} [الانشقاق: 2]. قال: سمعت لربها.
    4. أهل الكتاب
    • ومن أمثلة ذلك: سؤال ابن عباس لأبي الجلد، فقد روى الطبري بسنده عن الحسن بن الفرات عن أبيه قال: كتب ابن عباس إلى أبي الجلد يسأله عن الرعد، فقال: الرعد الريح.
    5. الفهم والاجتهاد
    • وكانوا فيه على تفاوت، فمنهم المكثر ومنهم دون ذلك، وكان اجتهادهم مبنيّاً على علم، ولم يكونوا يقولون في القرآن بآرائهم بغير علم.

    • قوله تعالى: {أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا} إلى قوله: {دَحَاهَا} [النازعات: 27 - 30] فذكر السماء قبل الأرض، وفي قوله: {… أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ} إلى قوله: {طَائِعِينَ} [فصلت: 9 - 11]، فذكر خلق الأرض قبل السماء في هذه الآية. فأجاب ابن عباس عن ذلك فقال: «خلق الأرض في يومين، ثم استوى إلى السماء فسواهنّ في يومين آخرين، ثم دحا الأرض، ودحوها أن أخرج منها الماء والمرعى، وخلق الجبال والجمال والآكام وما بينه في يومين آخرين، فذلك قوله: {دَحَاهَا}، وقوله: {خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} فجعل الأرض وما فيها من شيء في أربعة أيام، وخلقت السماء في يومين»

    حكم تفسير الصحابي
    • ذكر بعض العلماء أن قول الصحابي في التفسير له حكم المرفوع، ولكن هذا القول لا يقبل على هذا الإطلاق، والصواب أن تفسير الصحابي له أقسام، وكل قسم له حكم خاص، وهذه الأقسام هي:
    1. ما له حكم الرفع، وهذا يشمل أسباب النزول، والإخبار عن المغيَّبات، وحكم هذا: القَبول، إذا صح الخبر فيه، وسبب ذلك أن هذا مما لا مجال للاجتهاد فيه، ويلحق بهذا ما أجمع عليه الصحابة؛ لأن الإجماع حجة، فيكون بقوة المرفوع. وقد وضع بعض العلماء قيداً في الغيبيات، وهو: أن لا يكون المفسِّر مشهوراً بالأخذ عن بني إسرائيل، إذا كان في القول المذكور شبهة الخبر الإسرائيلي

    2. منه ما رجعوا فيه إلى لغتهم، وحكم هذا القبول كذلك؛ لأنهم هم أهل اللسان الذي نزل به القرآن، وهم أعلم بلغتهم من غيرهم

    3. منه ما رجعوا فيه إلى أهل الكتاب، وهذا له حكم الإسرائيليات.

    4. منه ما اجتهدوا فيه، وهذا فيه تفصيل:
      - أن يتوافق اجتهادهم؛ فيكون حجة.
      - أن يختلف اجتهادهم؛ فيرجح بين أقوالهم بأحد المرجِّحات، على ما سيأتي في قواعد الترجيح.
      - أن لا يرد إلا عن أحدهم، ولا يعلم له مخالف؛ فهذا الأخذ به أولى، خاصة إذا حفَّت به قرائن القَبول؛ كأن يكون قولَ مشهور منهم بالتفسير؛ كعلي، وابن مسعود، وابن عباس.

    رابعاً: تفسير القرآن بأقوال التابعين

    مصادرهم في التفسير
    • مصادرهم في التفسير هي مصادر الصحابة نفسها، إلا أنهم يزيدون بمصدر الصحابة. وهي كالتالي:
    1. القرآن الكريم.
    2. السنة النبوية.
    3. الصحابة.
    4. اللغة.
    5. أهل الكتاب.
    6. الفهم والاجتهاد. وهم يُعَدُّون مصدراً لمن جاء بعدهم.
    1. القرآن الكريم
    • اجتهد التابعون في بيان القرآن بالقرآن، ومن خلال اطلاعي على تفسير الطبري رأيت أن ابن زيد (2) رحمه الله تعالى أكثرهم اعتناء بهذا الطريق، ومن أمثلة ذلك تفسير قوله تعالى: {قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا} [الطلاق: 10] قال: «القرآن روح الله قال: «القرآن روح الله، وقرأ: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52] إلى آخر الآية».
    2. السنة النبوية
    • للتابعين في اعتماد السنة النبوية طريقان:
    • الأول: أن يذكروا السند إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويَعُدُّ بعض الباحثين هذا النوع من تفسير التابعين، والصحيح أنه من التفسير النبوي؛ لأن التابعي ذَكَرَ ما بلغه عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ولم يفسر.
    • والثاني: أن يذكر ما بلغه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم دون ذكر السند، وهذا وإن كان مرسلاً إلا أنه يدل على اعتماد التابعين التفسير النبوي في تفسيرهم،
    5. أهل الكتاب
    • كان رجوع التابعين إلى أهل الكتاب أكثر من رجوع الصحابة، ولكن يبقى الأمر في أن ما روي عنهم من أخبار إسرائيلية فهو في حكم الإسرائيليات، ولعلهم كانوا يذكرونه من باب العلم والرواية لا من باب التفسير ـ والله أعلم ـ، وتظهر كثرة مروياتهم عن بني إسرائيل من خلال تفاسيرهم.
    حكم تفسير التابعي
    • لا يحكم عليه بالعموم من حيث القبول والرد.
    1. ما يرفعه التابعي، وهذا يشمل أسباب النزول والمغيبات. لا يقبل؛ لأنه من قبيل المراسيل، والمراسيل لا تقبل في مثل هذا الانفراد، أما إذا أجمعوا عليها فإنها في حكم ما أجمعوا عليه.
    2. ما رجعوا فيه إلى أهل الكتاب، وهذا له حكم الإسرائيليات.
    3. ما أجمعوا عليه، وهذا يكون حجة.
    4. ما اختلفوا فيه، وفي هذا القسم لا يكون قول أحدهم حجة على الآخر، ويعمل هنا بالمرجحات التي سترد في قواعد الترجيح.
    5. أن يرد عن أحدهم ولا يُعلم له مخالف، وهذا أقل في الرتبة من الوارد عن الصحابي إذا لم يعلم له مخالف، لكنه أعلى من قول من تأخر عنهم.
    تنبيهات حول تفسير الصحابة والتابعين
    1. لا بد من الاعتناء بصحة السند

    2. لا بدّ من جمع طرق التفسير عن الصحابي أو التابعين، لتمييز الاختلاف في الرواية عنهم والنظر فيها.

    3. إذا صح عن الصحابي أو التابعي قولان مختلفان في التفسير ولا يمكن الجمع بينهما فهما كالقولين، إلا إذا دل الدليل على أنه رجع عن أحدهما.

    4. جمع مرويات الصحابة والتابعين في تفسير الآية أدل على المقصود،

    5. ليس كل اختلاف وارد عنهم يعد اختلافاً؛ كما سيرد في «اختلاف التنوع».

    6. هل يجوز إحداث قول بعد إجماعهم على قول في الآية أم لا؟. في المسألة تفصيل:إن كان القول المُحدث مضادّاً لقولهم فهو مردود غير مقبول. وإن كان غير مضاد بل تحتمله الآية، فإنه يقبل

    خامسا: تفسير القرآن باللغة

    • المقصود به تفسير القرآن بلغة العرب
    ضوابط التفسير باللغة
    • ومما يدل على اعتبار اللغة طريقاً من طرق التفسير الحديث السابق ـ في التفسير النبوي ـ عن استشكال الصحابة للظلم، في قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]، ووجه دلالة هذا الأثر أن الصحابة قد فسروا الظلم بما يعرفونه من لغتهم، ولم ينكر عليهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم هذا.

    • كذلك اعتماد الصحابة والتابعين على اللغة في تفاسيرهم، واستشهادهم بأشعار العرب وأساليبها لبيان المعاني اللغوية في القرآن.

    • بل شدد العلماء على من فسَّر القرآن وهو غير عالم بلغة العرب؛ كما روي عن مالك ومجاهد وغيرهما. قال مالك: «لا أوتى برجل يفسِّر كلام الله وهو لا يعرف لغة العرب إلا جعلته نكالاً».

    مسألة «في ضوابط التفسير باللغة»
    • كيف نفسر ما كان محتملاً لأكثر من معنى في لغة العرب؟
    • إن كان اللفظ يحتمل هذه المعاني كلها من دون تعارض ولا تناقض في السياق جاز حمل الآية عليها، وهذا يأتي ـ غالباً ـ في الألفاظ المشتركة، وإن كان قد يترجح إحداها. مثل تفسيرهم لقوله تعالى: {لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً} [التوبة: 10]. فقد ورد عنهم في الإِلِّ أقوال: الأول: العهد. الثاني: القرابة. الثالث: الله سبحانه. فيقال: لا يراقبون في مؤمن الله، ولا قرابة، ولا عهداً، ولا ميثاقاً».
    • وإن كان اللفظ لا يحتمل إلا أحد المعاني من معاني اللفظ، فهناك ضوابط تدل على اختيار هذا المعنى دون غيره.
    ضوابط اختيار هذا المعنى إن كان اللفظ لا يحتمل إلا أحد المعاني
    1. أن تكون اللفظة المفسِّرة صحيحة في اللغة، فلا يجوز تفسير القرآن بما لا يعرف في لغة العرب.
    2. أن تفسير القرآن على الأغلب المعروف من لغة العرب دون الشاذ أو القليل
    3. أن يراعي المفسر عند تفسيره للفظة السياق، فلا يختار إلا ما يتناسب معه،
    4. أن يعرف ملابسات النزول إذا احتاجها عند تفسير لفظة ما؛ لكي يعرف المراد بها في الآية، مثل تفسير النسيء.
    5. أن يقدم المعنى الشرعي على المعنى اللغوي إذا تنازعهما اللفظ، إلا إذا دل الدليل على إرادة المعنى اللغوي؛ لأن القرآن نزل لبيان الشرع لا لبيان اللغة. مثل قوله تعالى: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84] تحتمل الدعاء، وتحتمل صلاة الجنازة، وهذا هو المقدم؛ لأنه المعنى الشرعي.
    تنبيهات حول تفسير القرآن باللغة
    1. الإمامة في التفسير اللغوي للصحابة والتابعين.
    2. فسَّر أبو عبيدة معمر بن المثنى القرآن معتمداً على اللغة فقط، غير ناظر إلى أسباب النزول وملابساته، فجعل القرآن نصّاً عربيّاً مجرداً، وهذه الطريقة التي سلكها أبو عبيدة من أسباب الخطأ في التفسير كما ذكره شيخ الإسلام.
    3. فَهْمُ السلف للقرآن حجة يحتكم إليه لا عليه، ولذا فإن ورود تفسير من تفاسيرهم مبني على فهمهم لغتهم يكون حجة يرجع إليها.

    سادساً: التفسير بالاجتهاد والرأي

    هل وقع خلاف في جواز التفسير بالرأي؟
    • والرأي قال به الصحابة والتابعون من بعدهم.

    • وهذا الرأي الذي عمل به الصحابة هو الرأي المحمود، وهو المبني على علم أو غلبة ظن. أما الرأي المذموم فهو الذي وقع عليه نهي السلف، وشنعوا على صاحبه، وهو ما كان على جهل أو هوى.

    العلم الذي يحتاجه من فسر برأيه
    • علم اللغة، وذلك لأن القرآن نزل بلسان عربي مبين، ولذا فإن هذا العلم لا ينفك عن أي آية، بل هو ملازم لها.

    • ويلزم في بعض الآيات علوم لا تلزم في أخرى.

    • وباختلاف الطبقات يختلف المطلوب من العلوم كذلك، فمن كان في طبقة الصحابة، فإنه يلزمه ـ مع ما ذكر ـ معرفة التفسير النبوي للآيات، ومعرفةُ أسباب النزول، وقصص الآية. ومن كان في طبقة التابعين يلزمه زيادة معرفة تفسير الصحابة؛ كي لا يخرج عن أقوالهم إن أجمعوا أو حكوا سبب نزوله، أو فسَّروا أمراً غيبيّاً، ويجتهد ويختار إن اختلفوا. وكذا من جاء بعد التابعين، فيلزمه معرفة ما قاله التابعون مما أجمعوا عليه، فلا يخالف، أو ما اختلفوا فيه، فيجتهد في بيان الصحيح.

    هل للتفسير المذموم حد يعرف به؟
    • وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية في (فصل: الخلاف الواقع في التفسير من جهة الاستدلال) = إلى نوعين يمكن جعلهما سبباً في الحكم على تفسير ما بأنه مذموم.

    • الأول: من اعتقد معاني، ثم أراد حمل ألفاظ القرآن عليها. وهؤلاء صنفان:الصنف الأول: من يسلب لفظ القرآن ما دل عليه، وأريد به. الصنف الثاني: من يحمل لفظ القرآن على ما لم يدل عليه، ولم يُردْ به. وهذان الصنفان قد يكون ما قصدوا نفيه أو إثباته من المعنى باطلاً؛ فيكون خطؤهم في الدليل والمدلول. وقد يكون حقّاً فيكون خطؤهم في الدليل لا المدلول.

    • الثاني: من فسر القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده بكلامه من كان من الناطقين بلغة العرب، من غير نظر إلى المتكلم بالقرآن، والمنزل عليه والمخاطب به، وملابسات النزول؛ كأسباب النزول وقصص الآيات، وعادات المخاطبين. .. إلخ.

    • وإذا حكم على كتاب في التفسير بأنه مذموم، فإن هذا يكون بالنظر إلى منهج الاستدلال عند هذا المفسر.

    التفسير بالمأثور

    نقد هذا المصطلح

    • يعد بعض من كتب في علوم القرآن التفسير بالمأثور أنه تفسير القرآن بالقرآن، ثم بالسنة، ثم بأقوال الصحابة، ثم بأقوال التابعين، مع حكاية الخلاف في إدخال التابعين في التفسير المأثور، وهذا التقسيم للتفسير بالمأثور فيه نظر، ويحتاج إلى تحرير

    بيان ما يمكن أن يطلق عليه التفسير بالمأثور

    • والذي يظهر لي أن ما يمكن أن يطلق عليه تفسير بالمأثور، ويجب الأخذ به، ثلاث أنواع:
      1. الأول: ما روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من تفسيره القرآن.
      2. الثاني: ما روي عن الصحابة مما له حكم المرفوع؛ كأسباب النزول والمغيبات.
      3. الثالث: ما أجمع عليه الصحابة أو التابعون، وهذا يلحق بالمأثور، لوجوب الأخذ به؛ لأن الإجماع حجة.

    اختلاف السلف في التفسير

    1. اختلاف التنوع، وأنواعه:
    2. أن يعبر كل واحد من المفسرين بعبارة غير عبارة صاحبه تدل على معنى في المسمى غير المعنى الآخر مع اتحاد المسمى.
    3. أن يذكر المفسر من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل.
    4. أن يكون اللفظ محتملًا لأمرين، إما بسبب الاشتراك وإما بسبب التواطؤ.
    5. أن يعبروا عن المعنى بألفاظ متقاربة.
    6. اختلاف التضاد، وأسبابه:
    7. الاشتراك.
    8. الاختلاف في مفسر الضمير.
    9. أن يكون في الجملة حذف، ويحتمل في تقديره أكثر من معنى.
    10. أن تحتمل اللفظة أكثر من تصريف في اللغة.
    11. تنوع الاستعمال العربي للفظة.
    12. أن يدور حكم الآية بين الأحكام والنسخ.
    13. أن يدور حكم الآية بين العموم والخصوص.
    14. أن يذكر الوصف المحتمل لأكثر من موصوف، ولا يحدد موصوفه في الآية.
    15. أن يكون في الآية حرف له قراءتان لكل منهما تفسير مختلف.

    أنواع الاختلاف

    • يمكن تقسيم الاختلاف الواقع في التفسير إلى قسمين: الأول: اختلاف التنوع. الثاني: اختلاف التضاد. وقد وقع هذان القسمان في تفسير السلف، إلا أن الثاني قليل.

    • وللشيخ محمد بن صالح العثيمين تقسيم لاختلاف التنوع والتضاد، اعتمد فيه على اللفظ والمعنى، وهو ثلاثة أقسام:
      1. الأول: اختلاف في اللفظ دون المعنى.
      2. الثاني: اختلاف في اللفظ والمعنى، والآية تحتمل المعنيين لعدم التضاد بينهما، فتحمل الآية عليهما، وتفسر بهما.
      3. الثالث: اختلاف في اللفظ والمعنى، والآية لا تحتمل المعنيين معاً للتضاد بينهما، فتحمل الآية على الأرجح منهما بدلالة السياق أو غيره.

    تعريف اختلاف التنوع واختلاف التضاد

    • اختلاف التنوع: هو أن تحمل الآية على جميع ما قيل فيها إذا كانت معان صحيحة غير متعارضة. ومنه ما يكون كل من القولين هو في معنى القول الآخر، ولكن العبارتين مختلفتان. ومنه ما يكون المعنيان متغايرين، لكن لا يتنافيان، فهذا قول صحيح وهذا قول صحيح وإن لم يكن معنى أحدهما هو معنى الآخر.
    • واختلاف التضاد: «هما القولان المتنافيان بحيث لا يمكن القول بهما معاً، فإذا قيل بأحدهما لزم منه عدم القول بالآخر».

    أنواع اختلاف التنوع

    • ويظهر من تقسيم شيخ الإسلام الاختلاف في التنوع أنه أربعة أنواع:
    1. أن يعبر كل واحد من المفسرين عن المعنى المراد بعبارة غير عبارة صاحبه، تدل على معنى في المسمَّى غير المعنى الآخر مع اتحاد المسمَّى.
      - ويأتي هذا فيما يكون له أكثر من وصف دال عليه، وهذا وارد في اللغة؛ كالسيف، فهو المهند، والصارم. .. إلخ.
    2. أن يذكر كل مفسر من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل المثال.
      - ومثاله قوله تعالى: {لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8]. قيل في النعيم أقوال: منها الأمن والصحة والأكل والشرب. وقيل: تخفيف الشرائع. وقيل: الإدراك بحواس السمع والبصر
    3. أن يكون اللفظ محتملاً لأمرين، إما لأنه مشترك في اللغة، وإما لأنه متواطئ.
      - ومن أمثلة المشترك اللغوي في القرآن: لفظ «قسورة» في قوله تعالى: {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} [المدثر: 51]. قيل: هو الرامي، وقيل: الأسد، وقيل: النبل.
      - يشمل المتواطئ: الضمير الذي يحتمل عوده إلى شيئين، وأسماء الأجناس؛ كالفجر والعصر، والأوصاف التي يشترك فيها أكثر من واحد؛ كالخنس والنازعات.
    4. أن يعبروا عن المعنى بألفاظ متقاربة.
      - مثل قوله تعالى: {أَنْ تُبْسَلَ} [الأنعام: 70] قيل: تحبس، وقيل: ترتهن.

    أسباب الاختلاف في تفسير السلف

    • الأول: اختلاف فهوم المجتهدين من العلماء.
    • الثاني: أن يكون النص محتملاً لأكثر من معنى. إذاً فالخلاف منه ما يرجع إلى المجتهد، ومنه ما يرجع إلى النص.
    1. الاشتراك
    • من أسباب الاختلاف بين مفسري السلف: الاشتراك: وهو اللفظ الدال على أكثر من معنى في لغة العرب. والمشترك قد يكون من أحرف التضاد، وقد لا يكون. وإذا كان من أحرف التضاد فقد يجوز حمل الآية على المعنيين المتضادين، ويكونان بمثابة التفسيرين للآية، ويكون هذا إذا اختلف المحل. وقد يمتنع حمل الآية عليهما معاً: ويلزم من القول بأحدهما نفي الآخر.

    • أـ من المشترك المتضاد الذي يجوز حمل الآية على معنييه المتضادين، ويكونان بمثابة التفسيرين للآية لفظ {عَسْعَسَ} في قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} [التكوير: 17]، فقد فسر لفظ (عسعس) بأنه أقبل، وفسر بأنه أدبر.

    • ب ـ ومن المشترك المتضاد الذي يمتنع حمل الآية على معنييه، بل يلزم من القول بأحدهما نفي الآخر لفظة (قرء) في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، فقد ورد في لغة العرب بمعنى: الطهر، وبمعنى: الحيض.

    • جـ ومن المشترك الذي ليس من أحرف التضاد ـ وهو كثير ـ لفظ (العتيق) من قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29]، فقيل: العتيق بمعنى: القديم، وهو قول الحسن، وابن زيد. وقيل: العتيق المعتق من الجبابرة، بمعنى: أنه محرر لا يملكه أحد، وبه قال مجاهد، وقتادة، وابن الزبير، وهذا مما يجوز حمل الآية على معنييه

    2. الاختلاف في مفسر الضمير

    وهو أنواع:

    • الأول: أن يكون في الآية ضمير يحتمل عوده إلى أكثر من مذكور. ومثاله قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاَقِيهِ} [الانشقاق: 6]. قيل: تلاقي ربك. وقيل: تلاقي عملك

    • الثاني: أن يكون في الآية ضميران، وكل واحد منهما يرجع إلى مرجع لا يرجع إليه الآخر، فيكون للآية أكثر من معنى، فينص كل واحد من المفسرين على أحد هذه المعاني. مثل {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} قيل الأول: الضمير الظاهر، وهو الهاء، ويعود على الكلم الطيب، ويكون المعنى: والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب. والثاني: الضمير المستتر، وهو في محل رفع فاعل، يعود على الله سبحانه، ويكون المعنى: والعمل الصالح يرفعه الله، ويحتمل عوده كذلك إلى الكلم الطيب، ويكون المعنى: والعمل الصالح يرفعه الكلم الطيب، وبهذا يكون معاكساً للقول الأول.

    3. أن يكون في الجملة حذف
    • ويحتمل في تقديره أكثر من معنى، فيذكر كل واحد أحد المعاني المحتملة. ومثاله: قوله تعالى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127]. ففي متعلق «ترغبون» تقديران:
    • الأول: ترغبون في نكاحهن.
    • الثاني: ترغبون عن نكاحهن.
    4. أن تحتمل اللفظة أكثر من تصريف
    • أن تحتمل اللفظة أكثر من تصريف في اللغة: ويحمل كل واحد من المفسرين الآية على أحد التصريفات.

    • فتصريف لفظة {يُضَآرَّ} تحتمل أن تكون (يُضارَر)، وتحتمل أن تكون (يضارِر) فعلى الاحتمال الأول يكون النهي واقعاً على أن يُضر بالكاتب أو الشهيد؛ أي: أن الضرر يقع على الكاتب والشهيد، وهذا قول ابن عباس، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة، والضحاك، والسدي، والربيع. وعلى الاحتمال الثاني: يكون النهي واقعاً على أن يَضرَّ الكاتب والشهيد؛ أي: أن الضرر يقع من الكاتب والشهيد،

    5. تنوع الاستعمال العربي للفظة
    • فيحمل بعضهم اللفظة على المعنى القريب الظاهر، ويحمله آخرون على المعنى البعيد، وهذا النوع قريب من المشترك.

    • ومثاله: قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4]. من المفسرين من فسر الثياب بالمعروف المتبادر، ومنهم من فسر الثياب بالنفس، وهذا المعنى بعيد غير متبادر،

    6. أن يدور حكم الآية بين الإحكام والنسخ
    • فيحكم بعضهم بالنسخ، ويحكم الآخر بالإحكام، ومثله: قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: 219]. قيل: هي منسوخة بآية الزكاة، وقيل: هي محكمة، وهي في الصدقة العامة المندوب إليها.
    7. أن يدور حكم الآية بين العموم والخصوص
    • ومثاله: قوله تعالى: {وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221]. قيل: هذه الآية حكمها عام، ثم خصَّصها قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5].

    • وقيل: إنها ليست مخصَّصة، بل المشركات هنَّ عابدات الأوثان من العرب وغيرهم ممن ليس لهم كتاب.

    8. أن يذكر الوصف المحتمل لأكثر من موصوف
    • أن يذكر الوصف المحتمل لأكثر من موصوف ولا يحدد موصوفه في الآية، فيحمل كل مفسر هذا الوصف على ما يحتمله من الموصوفات.
    • وهذا النوع قريب من الذي قبله، بل هو باب منه، ومن أمثلته:قوله تعالى: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا - وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا} [النازعات: 1-2]. قيل في هذه الأوصاف: هي للملائكة، وقيل: للأنجم، وقيل: للموت.
    9. أن يكون في الآية حرف له قراءتان
    • فيفسر أحدهم إحدى القراءتين؛ ويفسر الآخر الأخرى، فيختلف التأويل. ومثاله: قوله تعالى: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} [التكوير: 24]، ففي قوله تعالى: (ضَنِينٍ) قراءتان:الأولى: بالضاد، ويكون المعنى: «ما هو ببخيل». الثانية: بالظاء، ويكون المعنى: «وما هم بمتهم».

    الإجماع في التفسير

    • الإجماع في عرف الأصوليين: اتفاق مجتهدي هذه الأمة بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم على حكم شرعي. والمراد به هنا: إجماع المفسرين ـ ممن يعتبر في التفسير قولهم ـ على معنى من المعاني في تفسير آية من كتاب الله. والإجماع حجة، وهو الأصل الثالث من أصول الشريعة.

    • فائدة جمع ما أجمع عليه المفسرون وأهميته:

    1. حمل كلام الله تعالى على لون من أصح ألوان التفسير، وأقواها ثبوتاً.
    2. أن تعرف إجماعات المفسرين فلا يجترأ على مناقضتها.

    كيف نصل إلى إجماع المفسرين؟

    • لمعرفة إجماعات المفسرين طريقان، وكلاهما يعتمد على الاستقراء:
    • الأول: أن ينص أحد المحققين على حكاية الإجماع. ثم دور الباحث بعدهم التأكد من عدم وجود المخالف، وهذا لا يكون إلا بالاستقراء كذلك.
    • الثاني: أن تَستقرئ أقوال المفسرين وتَستنبِط الإجماع من أقوالهم إذا لم يكن بينهم خلاف في الآية.

    بين اختلاف التنوع والإجماع

    • الإجماع في التفسير قد يكون إجماعاً على لفظ، أو إجماعاً على معنى.
    • وفي الأول: تتفق عبارات المفسرين على اللفظ، وهذا الذي يحكيه المفسرون في الإجماع. ومثاله: قوله تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [يونس: 64]. قال ابن عطية: «أما بشرى الآخرة فهي الجنة قولاً واحداً».
    • في الثاني: فقد يكون المعنى واحداً، أو أكثر. فإن كان المعنى واحداً، فقد تختلف عبارات المفسرين في بيان هذا المعنى، ويكون هذا في النوع الأول، والثاني، والرابع، من تقسيمات شيخ الإسلام، وفي هذا يكون الاتفاق على المعنى، وإن اختلفت عبارات المفسرين فيه. كالصراط المستقيم.

    تنبيهات حول الإجماع

    1. يحكي بعض المفسرين إجماعاً في اللفظ من الآية لا يتوقع فيه خلاف، وذلك لشدة ظهور المعنى؛ كقوله تعالى: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} [الأنعام: 154]. قال الشنقيطي: «الكتاب: هو التوراة بالإجماع».

    2. يذكر المفسرون إجماعات غير داخلة في تأويل الآية وتفسيرها؛ كالإجماعات الفقهية، أو الإجماع على مسائل في علوم القرآن؛ كمكي السورة ومدنيها، وعدد الآي، وغيرها، وهذه غير داخلة في موضوع الإجماع في التفسير؛ لأن المراد الإجماع على تفسير ألفاظ الآية ومعانيها.

    3. مما يجدر التنبيه عليه أن الإجماع عند بعضهم هو اتفاق الأكثر.

    مسرد بعض الإجماعات

    1 - في قوله تعالى: {لاَ رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2].
    قال ابن أبي حاتم: «الريب: الشك، وليس في هذا الحرف اختلاف بين المفسرين».
    2 - قوله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَامُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة: 268]. قال ابن القيم: «الفحشاء: هو البخل إجماعاً».
    3 - في قوله تعالى: {لاَ تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1]. قال الماوردي: «يعني الرجعة في قول الجميع».
    4 - في قوله تعالى: {أَزِفَتِ الآزِفَةُ} [النجم: 57]. قال ابن عطية: «عبارة عن يوم القيامة بإجماع المفسرين».
    5 - في قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا} [البقرة: 143]. قال الشنقيطي: «الخطاب له صلّى الله عليه وسلّم إجماعاً».

    الأصول التي يدور عليها التفسير

    • الأصول التي يدور عليها التفسير

    • وقد ذكرها ابن القيم فقال: «وتفسير الناس يدور على ثلاثة أصول: تفسير على اللفظ، وهو الذي ينحو إليه المتأخرون، وتفسير على المعنى، وهو الذي يذكره السلف، وتفسير على الإشارة والقياس، وهو الذي ينحو إليه كثير من الصوفية وغيرهم»

    أولا: التفسير على اللفظ

    • على اللفظ هو: تفسير الكلمة بعينها؛ أي: بما يطابقها في اللغة.

    • وقد اهتم بهذا النوع مَنْ كَتَبَ في معاني القرآن وغريبه.

    ثانياً: التفسير على المعنى

    • في التفسير على المعنى لا يعمد المفسر إلى تفسير اللفظ مباشرة، بل ينتقل إلى ما وراء اللفظ، وهو أنواع:الأول: التفسير بالجزء. الثاني: التفسير بالمثال. الثالث: التفسير باللازم أو النتيجة.

    ثالثا: التفسير على الإشارة والقياس

    • هذا النوع هو أقل الأنواع عند سلف الأمة، ولم يكثروا منه، وجاء عنهم فيه بعض التفاسير ـ كما سيأتي ـ ولهذا النوع شروط ذكرها ابن القيم، وهي:
    1. ألا يناقض معنى الآية.
    2. أن يكون معنى صحيحاً في نفسه.
    3. أن يكون في اللفظ إشعار به.
    4. أن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم. فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان استنباطاً حسناً

    طريقة السلف في التفسير

    طريقة السلف العامة

    • طريقة السلف العامة في التفسير هي طريقة الإجمال وعدم التفصيل. وذلك لأنهم لم يكونوا بحاجة إلى التفصيل كما احتاجه المتأخرون، الذين بعدت ألسنتهم عن لسان العرب فاحتاجوا إلى زيادة التفصيل لبيان المعنى.

    طريقة السلف التفصيلية

    • وللسلف في تفسيرهم طرق وتعابير يستعملونها عند تفسير القرآن:
    1. التفسير بالمطابق، أو ما وضع له اللفظ.
    2. التفسير باللازم، ويدخل ضمنه التفسير بالنتيجة.
    3. التفسير بجزء المعنى.
    4. التفسير بالمثال.
    5. التفسير بالقياس والاعتبار.
    6. التفسير بالإشارة
    1. التفسير بالمطابق
    • التفسير بالمطابق، أو بما وضع له اللفظ:المراد به: ما وُضعَ له اللفظ في لغة العرب، فيعمد المفسر إلى تفسير اللفظة بما وضعت له في لغة العرب، وهذا هو التفسير المباشر للفظ.
    • ومثاله تفسير قوله تعالى: {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} [الطور: 2]، قال قتادة، والضحاك: {مَسْطُورٍ}: مكتوب.
    2. التفسير باللازم
    • دلالة الالتزام هي أحد دلالات الألفاظ العقلية. والمراد بها أن المعنى المستفاد لم يدل عليه اللفظ مباشرة، ولكن يلزم منه هذا المعنى المستفاد عقلاً أو عرفاً؛ كالكتابة تستلزم كاتباً.

    • كالغفور بمعنى: الغافر. فهذا تفسير بالمطابقة ـ كما مرَّ ـ ويلزم منه محبة أوليائه له، وهذا تفسير باللازم

    3. التفسير بجزء المعنى
    • المقصود به أن المفسِّر يذكر من المعنى الذي يحتمله اللفظ جزءاً منه، ليدل به على باقي المعنى. ومنه تفسير من فسَّر قوله تعالى: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} [مريم: 31]، قال ابن القيم: «. .. مباركاً: معلماً للخير أينما كنت.
    4. التفسير بالمثال
    • وقد مر ذكره في اختلاف التنوع. ومن أمثلته قوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114]، قيل: الحسنات الصلوات، وقيل: قول الرجل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
    5. التفسير بالقياس والاعتبار
    • المراد به أن يُدخِل المفسر في حكم الآية شيئاً؛ لأنه مشبه للآية في العلة.

    • ومن أمثلته: قوله تعالى: {لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43].

    • فصحَّحَ شيخ الإسلام دخول السكر من النوم أو النعاس في معنى الآية للمقايسة بينهما، والعلة هي عدم العلم بما يقول.

    6 ـ التفسير بالإشارة
    • التفسير بالإشارة له تعلق بما قبله،

    • ومن أمثلته تفسيرُ ابن عباس، وعمر بن الخطاب سورة النصر بأنها قرب أجل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

    توجيه أقوال السلف

    المراد به

    • هذا الموضوع يعتبر شرحاً لفهم السلف للآية، وكيفية تفسيرهم لها، وكيف قالوا فيها بهذا القول أو ذاك،

    أمثلة لتوجيه أقوال السلف

    • في قوله تعالى: {إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا} [البقرة: 69]. علق ابن جرير على قول الحسن: {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ}: سوداء شديدة السواد. قال: قال أبو جعفر: وأحسب أن الذي قال في قوله: {صَفْرَاءُ} يعني به سوداء ذهب إلى قوله في نعت الإبل السود: هذه إبل صفر، وهذه ناقة صفراء: يعني بها سوداء، وإنما قيل ذلك في الإبل لأن سوادها يضرب إلى الصفرة.

    قواعد التفسير

    • قواعد التفسيرالقواعد هي: الأمور الكلية المنضبطة التي يستخدمها المفسر في تفسيره، ويكون استخدامه لها إما ابتداءً، ويبني عليها فائدة في التفسير، أو ترجيحاً بين الأقوال
    • ويمكن استنباط هذه القواعد من كتب التفسير، وكتب اللغة، والبلاغة، والأصول. وتنقسم هذه القواعد إلى قسمين: القواعد العامة، والقواعد الترجيحية، وبينهما تداخل ظاهر

    القواعد العامة

    • المراد بهذه القواعد: القواعد التي يمكن أن يعملها المفسر عندما يفسر آية من القرآن.

    • أمثلة لهذه القواعد:

    1. قال ابن القيم: «المعهود من ألفاظ القرآن أنها تكون دالة على جملة معان».
    2. قال الشنقيطي: «تقرَّر عند العلماء أن الآية إن كانت تحتمل معاني كلها صحيح تعيَّن حملها على الجميع، كما حققه بأدلة الشيخ تقي الدين أبو العباس ابن تيمية في رسالته في علوم القرآن».
    3. ما أبهم في القرآن فلا فائدة في بحثه. قال الشنقيطي: «ففي القرآن العظيم أشياء كثيرة لم يبينها الله لنا ولا رسوله، ولم يثبت في بيانها شيء، والبحث عنها لا طائل تحته ولا فائدة فيه».
    4. إذا عرف تفسير القرآن من جهة النبي صلّى الله عليه وسلّم فلا حاجة إلى قول من بعده.
    5. قول الصحابة مقدم على غيرهم في التفسير، وإن كان ظاهر السياق لا يدل عليه؛ لأنهم أعلم بمعاني القرآن، والسبب الذي فيه نزل، وما أريد به.
    6. إعراب القرآن ينبغي أن يكون على أفصح الوجوه، ولا يفسر بمجرد الاحتمال النحوي الإعرابي الذي يحتمله تركيب الكلام، ويكون الكلام به له معنى ما.
    قواعد في العموم
    • أـ حذف المتعلق يفيد العموم النسبي ؛ أي: يفيد تعميم المعنى المناسب له، ويدخل في ذلك العموم ما كان سياق الكلام جاء من أجله، وهو فرد من أفراد هذا المعنى العام. ومن أمثلته قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]. فالمتعلق بالفعل «تتقون» محذوف، ويمكن تقدير عدة متعلقات؛ مثل: تتقون الله، تتقون النار، تتقون المحارم

    • ب ـ إذا دخلت (ال) على الأوصاف، وأسماء الأجناس، فإنها تفيد استغراق من يشمله هذا الوصف أو الاسم.

    • مثال الوصف: قوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} إلى قوله: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35]. يدخل في هذه الأوصاف كل ما تناوله معاني الإسلام، والإيمان، والقنوت، والصدق. .. إلخ.

    • مثال اسم الجنس: قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِّرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2]. فيشمل البر جميع أنواع الخير، وتشمل التقوى كل ما يلزم اتقاؤه

    • جـ النكرة في سياق النفي، والنهي، والشرط، والاستفهام، تفيد العموم. مثال سياق النفي: قوله تعالى: {يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا} [الانفطار: 19] يعم كل نفس، وكل شيء. مثال سياق النهي: قوله تعالى: {فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22] تشمل أي ند جعل الله. مثال سياق الشرط: قوله تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: 53] تشمل أي نعمة عند العبد. مثال سياق الاستفهام: قوله تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [فاطر: 3] تشمل أي خالق غير الله.

    • د ـ المفرد المضاف يفيد العموم. ومن أمثلته قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11]، وقوله: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34] فإنها تشمل كل نعمة أنعمها الله على عبده.

    • هـ الفعل المضارع إذا جُزم أو نُفي بـ (لا) فإنه يفيد العموم. مثاله: قوله تعالى: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195].

    • وـ ومن صيغ العموم وألفاظه الواردة في القرآن ـ وهي كثيرة ـ:كل، وجميع، وأجمعون، وكافَّة، ومن وما الشرطية والاستفهامية، والموصولة والمصدرية، والجمع المضاف، واسم الجمع، كالقوم، والذي، والتي. .. إلخ. فهذه الألفاظ إذا جاءت فإنها تدل على العموم، وذكر شواهدها يطول.

    • إنَّ المشددة المكسورة تفيد التعليل: مثل قوله تعالى: {اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: 1]والمعنى: اتقوا ربكم؛ لأن زلزلة الساعة شيء عظيم.

    • الفاء تفيد التعليل:مثل قوله تعالى: {قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222].

    • الجملة الاسمية تدل على الثبوت. الجملة الفعلية تدل على التجدد. مثل قوله تعالى: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [الأنفال: 3].

    • مجيء الفعل الماضي بصيغة المضارع لإفادة تصوير الحال الواقع عند حدوث الحدث.

    • فائدة اسم الموصول الدلالة على عِلِّية الحكم؛ أي: قرن الأمر بعلته.

    القواعد الترجيحية

    • القواعد التي نعملها عند الترجيح بين أقوال المفسرين. ويكون استعمال هذه القواعد في حالتين:
    • الأولى: ترجيح أحد الأقوال على غيره.
    • الثانية: رد أحد الأقوال.
    1. ما يتعلق منها بالعموم في القرآن.
    2. ما يتعلق منها بالسياق القرآني.
    3. ما يتعلق منها برسم المصحف.
    4. ما يتعلق منها بالأغلب من لغة العرب.
    5. ما يتعلق منه بالمعاني الشرعية في القرآن.
    6. ما يتعلق منها بتصريف اللفظ.
    7. ما يتعلق منها بالتقديم والتأخير.
    8. ما يتعلق منها بظاهر القرآن.
    9. ما يتعلق منها بطريقة القرآن وعادته.
    10. ما يتعلق منها بإجماع الحجة أو قول الأكثر من الصحابة والتابعين.
    11. ما يتعلق منها بالاستعمال العربي.
    12. ما يتعلق منها بالسنة النبوية.
    13. ما يتعلق منها بالتأسيس والتأكيد.
    14. ما يتعلق منها بعود الضمير إلى أقرب مذكور.
    15. ما يتعلق منها بتوافق الضمائر.
    16. ما يتعلق منها بالتقدير وعدمه.
    متى يكون الترجيح؟
    • التفسير المنقول إما أن يكون مجمعاً عليه، أولاً.

    • فإن كان مجمعاً عليه؛ فلا حاجة إلى الترجيح.

    • وإن كان مختلفاً فيه، فالاختلاف نوعان:

    • الأول: اختلاف تضاد: وفي مثل هذا النوع يعمل بقواعد الترجيح لبيان القول الصواب.
    • الثاني: اختلاف تنوع: وقد سبق بيان أمثلته. وفي هذا النوع يعمل بقواعد الترجيح لبيان القول الأولى إن احتاج الأمر إلى ذلك وإن كانت الآية تحتمل المرجوح.
    طريقة المفسرين في عرض التفاسير المنقولة
    • الأولى: حكاية الاختلاف دون بيان الراجح من الأقوال؛ كتفسير الماوردي وابن الجوزي.

    • الثانية: حكاية الاختلاف مع بيان الراجح دون ذكر مستند الترجيح؛ كتفسير ابن عطية. الثالثة: حكاية الاختلاف مع بيان الراجح والقاعدة الترجيحية التي هي سبب الترجيح، كتفسير الطبري والشنقيطي.

    • استعمال القواعد الترجيحية في ثنايا التفسير قد حاز قصب السبق فيه شيخ المفسرين الإمام ابن جرير الطبري، وقد كان له في الترجيح بالقواعد طريقان:

    • الأول: أن يذكر القاعدة الترجيحية بنصها عند ترجيحه لقول في التفسير.
    • الثاني: أن لا ينص على القاعدة بعينها ولكن يرجح بها؛ كقاعدة: «العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
    ذكر بعض القواعد عند ابن جرير
    • غير جائز ادعاء خصوص في آية عام ظاهرها إلا بحجة يجب التسليم لها ؛ أي: أن الخبر على عمومه حتى يأتي ما يخصصه

    • الكلمة إذا احتملت وجوهاً لم يكن لأحد صرف معناها إلى بعض وجوهها دون بعض إلا بحجة

    • إنما يوجه كلام كل متكلم إلى المعروف في الناس من مخارجه دون المجهول من معانيه

    • أولى التأويلات بالآية ما كان عليه من ظاهر التنزيل دلالة مما يصح مخرجه في المفهوم

    • غير جائز ترك الظاهر المفهوم من الكلام إلى باطن لا دلالة على صحته

    • غير جائز الاعتراض بالشاذ من القول على ما قد ثبت حجته بالنقل المستفيض

    • ومن القواعد التي استعملها ولم ينص عليها:
      1. العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
      2. الترجيح بدلالة السياق

    1 ـ ما يتعلق بالعموم في القرآن

    وفيه قاعدتان:

    أـ الخبر على عمومه حتى يأتي ما يخصصه
    • مثال: قوله تعالى: {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ} [البلد: 3].
    • قال ابن جرير الطبري: «والصواب من القول في ذلك ما قاله الذين قالوا: إن الله أقسم بكل والد وولده؛ لأن الله عمَّ كل والد وما ولد.
    ب ـ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
    • إذا قيل في آية: إنها نزلت في كذا، فهذا لا يعني أنها تُقصر على هذا السبب، بل المراد هنا الألفاظ، ولذا تعمَّم هذه الألفاظ وإن كان السبب خاصّاً

    • مثال قوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]. قيل: نزلت في العاص بن وائل السهمي. وقيل: نزلت في عقبة بن أبي معيط. وقيل: نزلت في جماعة من قريش. قال ابن جرير الطبري: «وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذِكْرُه أخبر أن مبغض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو الأقل الأذل المنقطع عقبه، فذلك صفة كل من أبغضه من الناس، وإن كانت الآية نزلت في شخص بعينه»

    2 ـ ما يتعلق بالسياق القرآني
    • مثال: قوله تعالى: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة: 187]. ففي تأويل: {مَا كَتَبَ اللَّهُ} قيل: هو الولد. وقيل: ليلة القدر. وقيل: ما أحله الله لكم ورخص لكم.

    • فأنت ترى في هذا المثال أن الإمام ابن جرير قد ذكر احتمال العموم في قوله: «جميع معاني الخير المطلوبة» ثم خصَّ أحدهما بدلالة السياق فقال: «غير أن أشبه المعاني بظاهر الآية قول من قال معناه: وابتغوا ما كتب الله لكم من الولد لأنه عقيب قوله: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ}».

    3 ـ ما يتعلق برسم المصحف
    • المراد أن رسم المصحف يرجح أحد الأقوال المذكورة في الآية، ويرد الآخر لمخالفته الرسم. مثال: قوله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنْسَى} [الأعلى: 6]. قيل في (لا) قولان:الأول: أنها نافية. الثاني: أنها ناهية

    • قال القرطبي: «والأول هو المختار ـ أي: كونها نافية ـ؛ إن الاستثناء من النهي لا يكاد يكون إلا مؤقتاً، وأيضاً فإن الياء مثبتة في جميع المصاحف، وعليها القرَّاء».

    4 ـ ما يتعلق بالأغلب من لغة العرب
    • إنما يحمل كلام الله على الأغلب المعروف من لغة العرب، دون الأنكر المجهول أو الشاذ.

    • مثال: قوله تعالى: {لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلاَ شَرَابًا} [النبأ: 24]. قيل في البرد قولان:الأول: هو برد الهواء الذي يبرد جسم الإنسان. الثاني: النوم.

    • وتابع النحاسُ أبا جعفر الطبري فقال: «وأصح هذه الأقوال القول الأول؛ لأن البرد ليس باسم من أسماء النوم، وإنما يحتال فيه فيقال للنوم: برد؛ لأنه يهدِّي العطش، والواجب أن يحمل تفسير كتاب الله جل وعز على الظاهر والمعروف من المعاني إلا أن يقع دليل على غير ذلك»

    5 ـ ما يتعلق بالمعاني الشرعية في القرآن
    • والمقصود هنا أنه إذا اختلف المعنى الشرعي والمعنى اللغوي فإن المقدَّم المعنى الشرعي؛ لأن القرآن نزل لبيان الشرع لا لبيان اللغة، إلا أن يكون هناك دليل يترجح به المعنى اللغوي، فيؤخذ به. مثال: قوله تعالى: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] ففي قوله: {وَلاَ تُصَلِّ} احتمالان:الأول: الدعاء، وهذا هو المعنى اللغوي. الثاني: الوقوف على الميت للدعاء له بصفة مخصوصة. فيقدم هذا المعنى الشرعي؛ لأنه المقصود للمتكلم المعهود للمخاطب.
    6 ـ ما يتعلق بتصريف اللفظة
    • معرفة تصريف اللفظة وإرجاعها إلى أصلها يعين في بيان الراجح من الأقوال، ورد ما كان غير صواب.

    • مثال: قوله تعالى: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [الإسراء: 71]. ذكر الزمخشري معنى (بإمامهم): أي بمن ائتموا به من نبي أو مقدم في الدين أو كتاب. .. ثم ذكر قولاً آخر قاله بعضهم، وهو: أن إمام جمع أمّ، ثم بدَّعه. وعلق ابن المنيِّر على هذا القول الغريب بقوله: «قال أحمد: ولقد استبدع بدعاً لفظاً ومعنىً فإن جمع الأم المعروف أمهات»

    7 ـ ما يتعلق بالتقديم والتأخير
    • الأصل في الكلام تقديم ما حقه التقديم، وتأخير ما حقه التأخير، ولا يعدل عن هذا الأصل إلا بحجة يجب التسليم لها

    • مثال: قوله تعالى: {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى - فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} [الأعلى: 4، 5]. الأحوى: شديد السواد، أو الأخضر الضارب إلى السواد من شدة الخضرة. والغثاء: الهشيم اليابس. وفي معنى الآية قولان:

    • الأول: أن الله أخرج المرعى أخضر، ثم جعله من بعد الخضرة هشيماً متكسراً، مائلاً إلى السواد من القدم.
    • الثاني: أن الله أخرج المرعى أحوى؛ أي: أخضر شديد الخضرة، مائلاً بشدة خضرته إلى السواد، ثم جعله هشيماً متكسراً، ويكون على هذا القول (أحوى) مؤخراً حقه التقديم. قال ابن جرير الطبري معلقاً على هذا القول: «وهذا القول وإن كان غير مدفوع أن يكون ما اشتدت خضرته من النبات قد تسميه العرب أسود، غير صواب عندي.
    8 ـ ما يتعلق بظاهر القرآن
    • المراد من هذا أن ظاهر القرآن لا يجوز العدول عنه إلا بدليل يجب الرجوع إليه، أو كما قال الإمام ابن جرير: «غير جائز ترك الظاهر المفهوم من الكلام إلى باطن إلا بدليل.

    • مثال: قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45]. قال ابن جرير: «يعني بقوله جل ثناءه: {وَإِنَّهَا} وإن الصلاة، فالهاء والألف في «إنها» عائدتان على الصلاة.

    9 ـ ما يتعلق بطريقة القرآن وعاداته
    • والمراد هنا أن اختيار التأويل الموافق لطريقة القرآن الكلية أو الأغلبية أولى من غيره. وهذا يعني أن طريقة القرآنُ تُرجِّح إحدى التأويلات على غيرها، وقد تُرَدُّ بعض الأقوال لأنها على غير طريقة القرآن ومعهوده في الاستعمال.

    • مثال: قوله تعالى: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} [الطارق: 8]. في مرجع الضمير في {رَجْعِهِ} قولان:

    • الأول: أنه يعود إلى الإنسان، ويكون المعنى: قادر على رده للحياة بعد موته.
    • الثاني: أنه يعود إلى الماء، ويكون المعنى: قادر على رد الماء إلى الصلب ـ على قول ـ أو إلى الإحليل على قول آخر.
    • وقد صواب ابن القيم القول الأول، ومن أوجه استدلالاته أنه قال: «إنه المعهود من طريقة القرآن من الاستدلال بالمبدأ على المعاد». ورد الثاني: ومن أوجه استدلالاته في الرد أنه قال: «إنه لم يأت لهذا المعنى في القرآن نظير في موضع واحد»
    10 ـ ما يتعلق بإجماع الحجة
    • أو قول الأكثر من الصحابة والتابعين استخدام ابن جرير في ترجيحاته إجماع الحجة ـ وهو قول الأكثر عنده ـ استخدمه في ترجيح أحد الأقوال أو في تخطئتها. مثال: قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199]. قيل: الأمر لقريش، والناس من عداهم. وقيل: الأمر للمسلمين، والناس وإبراهيم عليه السلام، وهو قول الضحاك. قال ابن جرير الطبري: «والذي نراه صواباً من تأويل هذه الآية، أنه عنى بهذه الآية قريشاً ومن كان متحمساً معها من سائر العرب؛ لإجماع الحجة من أهل التأويل على أن ذلك تأويله».
    11 ـ ما يتعلق بالاستعمال العربي
    • يالمراد بهذه القاعدة أن الاستعمال العربي للفظة أو الأسلوب يكون دليلاً في ترجيح أحد الأقوال على غيرها. ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى: {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا} [البقرة: 69]. رد ابن جرير قول من قال: فاقع: سوداء شديدة السواد. وقال: «. .. العرب لا تصف السواد بالفقوع، وإنما تصف السواد ـ إذا وصفته بالشدة ـ بالحلوكة ونحوها، فتقول: هو أسود حالك، وحانك، وحلكوك، وأسود غربيب، ودجوجي، ولا تقول: هو أسود فاقع، وإنما تقول: هو أصفر فاقع. فوصْفُه إياه بالفقوع، من الدليل البين على خلاف التأويل الذي تأول قوله: {إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ} المتأول بأن معناه سوداء شديدة السواد».
    12 ـ ما يتعلق بالسنة النبوية
    • لا شك أن تفسير النبي صلّى الله عليه وسلّم مقدم على تفسير غيره، ولكن قد يكون في النصوص احتمال؛ فيستند المفسر على السنة النبوية لبيان الأقوى منها، ومن ذلك ما ورد في قوله تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: 30]. أورد ابن جرير في معنى قوله تعالى: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} قولين:الأول: أنها بمعنى: النفي، بمعنى: ما من مزيد؛ لأنها قد امتلأت، وكأن قولها هذا من باب التأفف من هؤلاء الكفار الذي ألقوا فيها. الثاني: أنها بمعنى: الاستزادة، وأنها تطلب مزيداً إن كان هناك مزيداً. ورجح الطبري القول الثاني، «ففي قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد؟»، دليل واضح على أن ذلك بمعنى الاستزادة لا بمعنى النفي.
    13 ـ ما يتعلق بالتأسيس والتأكيد
    • التأسيس أولى من التأكيد، والمراد بهذه القاعدة أن الكلام إذا دار بين التأسيس والتأكيد حُمِل على التأسيس. ومن أمثلة هذه القاعدة قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]. للعلماء في المراد بالحياة الطيبة قولان:الأول: أنها في الدنيا. الثاني: أنها في الآخرة، بدخول الجنة. فإذا قيل بالقول الأول كأن تأسيساً، وإذا قيل بالثاني كان تكراراً؛ لأنه جاء بعده قوله تعالى: {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ}. .. أي: في الآخرة، وعلى هذا فالأول أرجح.
    14 ـ ما يتعلق بعودة الضمير إلى أقرب مذكور
      1. الأصل في الضمير أن يعود إلى أقرب مذكور، والمراد بهذه القاعدة أن الضمائر ـ ويلحق بها ما يناسب قاعدة الضمير من أسماء الإشارة وما شابهها ـ إذا احتمل عودها إلى أكثر من مذكور، فالأصل عودها إلى أقرب مذكور.
    • ومن أمثلة اسم الإشارة قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى} [الأعلى: 18]. ذكر ابن عطية في مرجع اسم الإشارة ثلاثة أقوال، وهي:
      1. القرآن.
      2. معاني السورة.
      3. يرجع إلى الفلاح وإيثار الناس للدنيا. ثم رجع الثالث بقوله: «وهذا هو الأرجح؛ لقرب المشار إليه.

    15 ـ ما يتعلق بتوافق الضمائر
    • الأصل توافق الضمائر في المرجع حذراً من التشتت المراد بهذه القاعدة أن الضمائر التي يحتمل رجوعها إلى مرجع واحد، ويحتمل توزيعها على أكثر من مرجع، فإن الأولى رجوعها إلى مرجع واحد؛ لأن في توزيعها على أكثر من مرجع تفكيكاً للنظم.

    • ومن أمثلة قوله تعالى: {وَمَا أُبَرِّيءُ نَفْسِي} [يوسف: 53]. قيل: هو من كلام يوسف، وقيل: هو تمامٌ لكلام امرأة العزيز، وهذا هو الصواب، ومن أدلة ترجيح هذا القول ما قاله ابن القيم: «الصواب أنه من تمام كلامها، فإن الضمائر كلها في نسق واحد يدل عليه. وهو قول النسوة: {مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ} [يوسف: 51]، وقول امرأة العزيز: {أَنَا رَاوَدْتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [يوسف: 51]، فهذه خمس ضمائر بين بارز ومستتر، ثم اتصل بها قوله: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} [يوسف: 52] فهذا هو المذكور أولاً بعينه، فلا شيء يفصل الكلام من نظمه، ويُضْمَرُ فيه قول لا دليل عليه».

    16 ـ ما يتعلق بالتقدير وعدمه
    • الأصل عدم التقدير ولا يلجأ إليه إلا بحجة يجب الرجوع إليها تثبت هذا المحذوف المراد بهذه القاعدة أن الخطاب إذا كان يفهم من غير حاجة إلى تقدير مقدر فلا معنى لهذا التقدير. ومن أمثلة هذه القاعدة قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: 33]. للعلماء في هذه الأحكام قولان:الأول: أن الإمام مخير بينها، فيفعل بالمحارب أحد هذه العقوبات. الثاني: أن هناك مضمراً مقدراً، وهي على التفصيل، فإن قَتَل قُتِلَ، وإن قَتَلَ وأخَذَ المال قُتِلَ وصُلِبَ، وإن أخَذَ المال ولم يقتل تُقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإن أخافوا السبيل فقط، ينفوا من الأرض. وبناء على هذه القاعدة فالأول أرجح؛ لأن الأصل عدم التقدير، وهذه التقديرات زيادة تحتاج إلى نص من كتاب أو سنة.

    كليات القرآن

    • المراد بكليات القرآن ما يطلقه بعض المفسرين على لفظ أو أسلوب بأنه يأتي في القرآن على معنى مطرد. وهذه الإطلاقات الكُليّة تبيِّن مصطلحات القرآن في الألفاظ والأساليب، فيكون اللفظ الكلي مصطلحاً قرآنياً خاصّاً. ولا تكون هذه الإطلاقات إلا بعد استقراءٍ للقرآن، وهذه الأحكام بعد الاستقراء إما أن تكون كلية لا تنخرم، وعليه فهي قاعدة مرجحة عند الاختلاف؛ لأن الاستقراء التام حجة، أو تكون منخرمة بأمثلة فيبيِّن المفسِّر هذه الأمثلة، وعلى هذا تكون الأحكام أغلبية، ويمكن الاستفادة منها في الترجيح.

    كليات الألفاظ

    1. قال ابن عباس، وابن زيد: «كل شيء في القرآن رجز فهو عذاب».
    2. قال مجاهد: «كل ظن في القرآن فهو علم».
    3. قال سفيان بن عيينة: «ما سمَّى الله مطراً في القرآن إلا عذاباً».
    4. قال ابن زيد: «التزكي في القرآن كله الإسلام».
    5. قال مجاهد: «كل ما في القرآن: قُتِل الإنسان، أو فُعِل بالإنسان، فإنما عني به الكافر».
    6. قال الفراء: «كَتَبَ في القرآن بمعنى: فرض»
    7. قال ابن فارس: «ما في القرآن من ذكر البعل فهو الزوج؛ كقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228] إلا حرفاً واحداً في الصافات: {أَتَدْعُونَ بَعْلاً} [الصافات: 125] فإنه أراد صنماً».
    8. قال الراغب: «التثويب في القرآن لم يجئ إلا في المكروه».
    9. قال الراغب: «كل موضع مدح الله تعالى بفعل الصلاة أو حثَّ عليه ذُكِر بلفظ الإقامة». 10. قال الطاهر بن عاشور: «والنداء إلى الصلاة هو الأذان، وما عبر عنه في القرآن إلا النداء».
    10. وقال: «وأريد بالكفار في قوله: «الكفار» المشركون، وهذا اصطلاح القرآن في إطلاق لفظ الكفار». ومما عبِّر بأنه يكثر أو يغلب في القرآن قول الإمام الشنقيطي:«ويكثر في القرآن ذكر إكرام أهل الجنة بكونهم مع نسائهم دون الامتنان عليهم بكونهم مع نظرائهم وأشباههم في الطاعة». وقال: «ويكثر في القرآن إطلاق مادة الزكاة على الطهارة.

    كليات الأسلوب

    1. قال الشاطبي: «إذا ورد في القرآن الترغيب قارنه الترهيب في لواحقه أو سوابقه أو قرائنه، وبالعكس، وكذلك الترجية مع التخويف»
    2. قال ابن القيم: «وهذه طريقة القرآن يقرن بين أسماء الرجاء وأسماء المخافة، كقوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}» [المائدة: 98].
    3. وقال: «وهو سبحانه إذا ذكر الفلاح علَّقه بفعل المفلح؛ كقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}» [المؤمنون: 1، 2].
    4. قال الشنقيطي: «قوله: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [الأحقاف: 2] قد دلَّ استقراء القرآن العظيم على أن الله جل وعلا إذا ذكر تنزيله لكتابه أتبع ذلك ببعض أسمائه الحسنى المتضمنة صفاته العليا».
    5. قال الشاطبي: «كل حكاية وقعت في القرآن فلا يخلو أن يقع قبلها أو بعدها ـ وهو الأكثر ـ ردٌّ لها، أولاً؛ فإن وقع فلا إشكال في بطلان ذلك المحكي وكذبه، وإن لم يقع معها فذلك دليل على صحة المحكي وصدقه». مثال الأول: قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [البقرة: 116]. ومثال الثاني: قول العزيز ـ فيما حكاه الله عنه ـ: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} [يوسف: 28]. وقول الهدهد ـ فيما حكاه الله عنه ـ: {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [النمل: 23].
    6. قال ابن عطية: «سبيلُ الواجبات الإتيانُ بالمصدر مرفوعاً؛ كقوله: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]. {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 178]. وسبيلُ المندوبات الإتيانُ به منصوباً؛ كقوله: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد: 4]؛ ولهذا اختلفوا: هل كانت الوصية للزوجات واجبة لاختلاف القراءة في قوله تعالى: {وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ} [البقرة: 240] بالرفع والنصب؟قال أبو حيان: والأصلُ في هذه التفرقة قوله تعالى: {قَالُوا سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ} [هود: 69]؛ فإنَّ الأول مندوب، والثاني واجب؛ والنكتةُ في ذلك أنّ الجملة الاسمية أوْكد وأثبت من الفعلية».

    توجيه القراءات وأثره في التفسير

    • من المعلوم أن القراءات قسمان: متواترة، وشاذة. وقد دوَّن العلماء هذه القراءات المتواترة وحفظوا أسانيدها بحيث لا يمكن زيادة شيء على المتواتر أو النقص منه. وظهر علم يتعلق بهذه القراءات وهو: توجيه القراءات، ويسمى: علل القراءات، أو الاحتجاج للقراءات. والمراد بهذا العلم: بيان وجه القراءة من حيث العربية، ومعرفة الفروق بين القراءات المختلفة.

    • والمراد هنا ما يتعلق بالمعنى؛ لأنه هو المؤثِّر في التفسير، حيث يختلف المعنى باختلاف القراءة.

    كتب توجيه القراءات

    • ومن الكتب التي اعتنت بتوجيه القراءات:
    1. «الحجة في القراءات السبع»، لابن خالويه (ت:370هـ).
    2. «معاني القراءات»، لأبي منصور الأزهري (ت:370هـ).
    3. «الحجة للقراءات السبعة»، لأبي علي الفارسي (ت:377هـ).
    • وأما كتب التفسير، فالمطوَّلات لا تخلو من توجيه القراءات؛ كتفسير ابن جرير الطبري، وتفسير ابن عطية، والقرطبي، وأبي حيان، والرازي، والشنقيطي، والطاهر بن عاشور. .. إلخ.

    أنواع الاختلاف في القراءات

    • الأول: اختلاف اللفظ والمعنى واحد. ومثال هذه النوع: اختلافهم في قراءة «الصراط» فمنهم من قرأ بالصاد، ومنهم من قرأ بالسين. وكذا اختلافهم في: «عليهمُ، عليهِم»، و «القُدُس، القُدْس» وغيرها.
    • الثاني: اختلاف اللفظ والمعنى، مع جواز اجتماعهما في شيء واحد. ومثال ذلك: اختلافهم في قراءة: «ملك» و «مالك» وقراءة «بظنين» و «بضنين»، ففي مثل هذه الحالة يثبت للشيء الواحد معنيان. ففي قوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] و «مالك يوم الدين» يكون وصف الله بأنه مالك وملك، وبين هذين اللفظين اختلاف في المعنى والمرجع واحد.
    • الثالث: اختلاف اللفظ والمعنى، مع امتناع اجتماعهما في شيء واحد، بل يتفقان من وجه آخر لا يقتضي التضاد. مثل قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ - وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ} [الفجر: 25، 26] فقرئ: «يعذِّب» و «يعذَّب» و «يوثِق» و «يوثَق»، ولكل قراءة توجيه يختلف عن الآخر.

    قواعد في القراءات

    1. القراءتان في الآية ـ إذا ظهر تعارضهما ـ لهما حكم الآيتين، وصارت بمثابة اختلاف التنوع. ومثال هذا قوله تعالى: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} [البروج: 15] برفع المجيد وجرِّه. فبالرفع يكون: «المجيدُ» صفة لذو. وبالجرّ يكون: «المجيدِ» صفة للعرش، وعلى هذا، فهاتان القراءتان لهما حكم الآيتين. وهذه القاعدة تأتي في النوع الثالث الذي سبق ذكره.

    2. القراءات إذا لم يظهر تعارضها وعادت إلى ذات واحدة فهي زيادة في الحكم لهذه الذات بمعنى هذه القراءات. ومثال هذه: قوله تعالى: {وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الكهف: 86]. قرئت: {حَمِئَةٍ} و «حامية»، فمن قرأ: «حامية» فهي بمعنى: حارة، ومن قرأ: {حَمِئَةٍ} فهي من الحمأة: الطين المنتن المتغير اللون، وهذه القاعدة تأتي في النوع الثاني الذي سبق ذكره.

    3. القراءات يبين بعضها بعضاً:مثاله: قوله تعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُّمُ الأَيْمَانَ} [المائدة: 89]. قرأ حمزة والكسائي وشعبة وعاصم: «عَقَدتم» بالتخفيف بلا ألف، وقرأ ابن ذكوان عن ابن عامر «عاقدتم» بألف بوزن فاعل. وقرأ الباقون: {عَقَّدْتُّمُ} بالتشديد من غير ألف.


    Last update : August 31, 2023
    Created : January 2, 2023

    Comments

    Comments