Skip to content

شرح مقدمة في أصول التفسير

المؤلف:: محمد بن صالح العثيمين
الناشر:: دار الوطن
سنة النشر:: 1995
الصفحات:: 160
الغلاف:: https://i.gr-assets.com/images/S/compressed.photo.goodreads.com/books/1626443103l/58567249._SX318_.jpg
الصيغة:: EPUB, PDF
الرابط:: https://www.goodreads.com/book/show/58567249
ISBN::
الحالة:: كتاب/مكتمل
التسميات:: كتاب/البناء_المنهجي
الغرض:: الدين
المعرفة:: القرآن وعلومه,
التدريب:: دورة البناء المنهجي,
المؤثر:: ,
تاريخ القراءة:: 2022-11-20
معالج:: 1
تقييم الفائدة المستقبلية::

المهام:


    المقدمة

    • فالقرآن الكريم نزل لأمور ثلاثة: التعبد بتلاوته، وفهم معانيه والعمل به، ولهذا كان الصحابة - رضي الله عنهم- لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها، وما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً. ص7

    • أما لفظ القرآن فلا يكاد يشكل على أحد، أو يعسر عليه؛ لأنه يقرؤه العامي والعالم والمتعلم، وأما فهمه فهو الذي يحتاج إلي تعلم وتفكر وتدبر، وأما العمل به فهو أشد على النفوس وأعظم؛ لأن النفس تحتاج إلي مجاهدة في إلزامها بما تقتضيه الحال؛ من تصديق الخبر، وامتثال الأمر، واجتناب النهي. وتأمل قوله تعالي: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبَابِ) (صّ: ٢٩) حتى يتبين لك أنه لا بد من فهم القرآن، ولابد من العمل به. ص 7

    • قد يقال: إن التفسير غير المعنى، فالتفسير تفسير اللفظ، والمعنى هو ما يراد بالكلام. ص 8

    • تفسير القرآن نوعان: نقلي وعقلي، ولكن يجب أن يكون التفسير العقلي غير مخالف للتفسير النقلي؛ لأن التفسير النقلي مقدم عليه. ص 8

    • “والعلم إما نقل مصدق عن معصوم، وإما قول عليه دليل معلوم، وما سوى ذلك فإما مزيف مردود، وإما موقوف لا يعلم أنه بهرج ولا منقود.” ص 9

    • فالأقسام حينئذ ثلاثة: ما علمت صحته وهو الأول، وما علم بطلانه وهو الثاني، وما يجب التوقف فيه وهو الثالث، الذي لا نعلم هل هو من النقل المصدق عن معصوم، أو من القول الذي عليه دليل معلوم، أو أنه مزيف ومردود، فلا نعلم هذا ولا هذا، فالأول مقبول، والثاني مردود، والثالث متوقف فيه. ص 10

    • “وحاجة الأمة ماسة إلى فهم القرآن الذي هو حبل الله المتين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسن، ولا يخلق على كثيرة الترديد ولا تنقضي عجائبه.” ص 10

    • وقوله: ((ولا تنقضي عجائبه)) لا تنقضي عجائبه لمن أعطاه الله تعالي فهماً لكتابه، فإنه يتذوق فيه المعاني العظيمة الكثيرة، أما المعرض عنه فإنه قد لا يرى فيه عجباً واحداً. ص 12

    • وقوله تعالي: (فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) أي: لا يضل في علمه، ولا يشقي في عمله، وقيل: لا يضل في الدنيا ولا يشقي في الآخرة، والمعنيان متلازمان، لكن الغالب أن الضلال في مقابلة العلم والهدي، وأن الشقاء في مقابلة السعادة. ص 14

    • قال تعالي: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا) ، (رُوحاً) أي القرآن، وسماه الله تعالي روحاً، لأن به الحياة المعنوية، وإن شئت فقل الحقيقية أيضاً، لأن من اهتدي به فإن له الحياة الكاملة في الدنيا وفي الآخرة. ص 18

    فصل في أن النبي صلي الله عليه وسلم بين لأصحابه معاني القرآن

    • “النبي صلي الله عليه وسلم بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه”. ص 21

    • قوله تعالي: (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) (القيامة: ١٩) ، يتضمن هذا وهذا، أي: بيان لفظه وبيان معناه، وفي هذا رد واضح على أهل التفويض، الذين يقولون: إن الرسول ﷺ لم يبين معاني أسماء الله وصفاته. ص 21

    • قوله تعالي: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ) فبركة القرآن في تلاوته وتدبره، والعمل به، وما يحصل فيه من التأثير على القلب لزيادة الإيمان، ومعرفة الله عز وجل وأسمائه وصفاته وأحكامه، وكذلك ما حصل فيه من التأثير على الأمم، حيث فتح الله بهذا القرآن مشارق الأرض ومغاربها كل هذا من بركاته، وكذلك ما حصل للمتمسكين به من الرفعة والعزة والظهور على جميع الأمم، وكذلك ما يحصل للمتمسك به من صحة القصد، وسلامة المنهج، والسعادة في الدنيا والآخرة، فالمهم أن بركات هذا القرآن لا تحصى. ص 23

    • إن القرآن له جهتان: جهة تعبد وجهة عمل وتنفيذ، فالأولى قد تحصل بأن يتعبد الإنسان لله عز وجل بقراءة القرآن. لكن الثانية التي نزل من أجلها (لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) مفقودة في حق من لم يعرف معني القرآن ولم يتعظ به. ص 25

    • “وكلما كان العصر أشرف كان الاجتماع والائتلاف والعلم والبيان فيه أكثر.” ص 25

    فصل في اختلاف السلف في التفسير وأنه اختلاف تنوع

    • “الخلاف بين السلف في التفسير قليل، وخلافهم في الأحكام أكثر من خلافهم في التفسير، وغالب ما يصح عنهم من الخلاف يرجع إلى اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد.” ص 28

    • اختلاف التنوع جعله المؤلف صنفين:

    • الأول: أن يعبر كل واحد من السلف بعبارة غير عبارة صاحبه، لكن تدل على معني في المسمى غير المعنى الآخر مع اتحاد المسمى، فهما اتفقا على المراد لكن عبر كل واحد منهما عنه بتعبير غير الأول. ص 29

    • الثاني: “أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل، وتنبيه المستمع على النوع لا على سبيل الحد المطابق للمحدود في عمومه وخصوصه، مثل سائل أعجمي سأل عن مسمى لفظ ((الخبز)) فأري رغيفاً، وقيل له: هذا فالإشارة إلي نوع هذا، لا إلى هذا الرغيف وحده”. ص 40

    • الأسماء المترادفة هي الدالة على معنى واحد، والأسماء المتباينة هي الدالة على معنيين. ص 29

    • والفرق بين اختلاف التنوع واختلاف التضاد: أن اختلاف التضاد لا يمكن الجمع فيه بين القولين؛ لأن الضدين لا يجتمعان. واختلاف التنوع يمكن الجمع فيه بين القولين المختلفين؛ لأن كل واحد منهما ذكر نوعاً، والنوع داخل في الجنس، وإذا اتفقا في الجنس فلا اختلاف. ص 29

    • أسماء الله- تعالي- كثيرة جداً، لكن مسماها واحد. فهي مترادفة من حيث دلالتها على الذات متباينة من حيث اختصاص كل اسم منها بالمعني الخاص به. ص 30

    • إذا كان مقصود السائل- الذي يسأل عن تفسير آية من القرآن - تعيين المسمي عبرنا عنه بأي اسم كان إذا عرف مسمى هذا الاسم… وإن كان مقصود السائل معرفة ما في الاسم من الصفة المختصة به، فلا بد من قدر زائد على تعيين المسمي مثل أن يسأل عن القدوس، السلام، المؤمن، وقد علم أنه الله، لكن مراده: ما معنى كونه قدوساً، سلاماً، مؤمناً، ونحو ذلك. ص 36-37

    • قد يكون التفسير للكلمة تفسيراً للمراد بها بقطع النظر عن صفته، وقد يكون التفسير للكلمة من حيث معناها الذي تضمنته، وقد يكون التفسير للكلمة بمعنى آخر يوصف به من يراد بها. ص 38

    • التعريف بالمثال أبين وأظهر من التعريف بالحد المطابق. ص 42

    • “والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب، هل يختص بسببه أم لا، فلم يقل أحد من علماء المسلمين إن عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين، وإنما غاية ما يقال: إنها تختص بنوع ذلك الشخص فتعم ما يشبهه، ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ.” ص 44

    • “والآية التي لها سبب معين إن كانت أمراً ونهياً فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته، وإن كانت خبراً بمدح أو ذم فهي متناوله لذلك الشخص ولمن كان بمنزلته أيضاَ. ومعرفة سبب النزول يعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب، ولهذا كان أصح قولي الفقهاء أنه إذا لم يعرف ما نواه الحالف رجع إلي سبب يمينه وما هيجها وآثارها”. ص46

    • قاعدة تنفعك في باب الأيمان وفي باب الطلاق، أن ما بني على سبب فتبين زوال السبب فلا حكم له… والقاعدة في ذلك: أن كل لفظ بني على سبب فتبين انتفاء ذلك السبب فإنه لا حكم له. ص 47

    • التعبير عن سبب النزول، وهو ثلاثة أنواع: ص 47-48

    • ((حصل كذا وكذا، فأنزل الله كذا)) أو ((كان كذا فنزلت)): الصيغة الظاهرة.

    • ((سبب نزول الآية الفلانية كذا وكذا)): الصيغة الصريحة.
    • ((نزلت هذه الآية في كذا وكذا)): الصيغة المحتملة.

    • يقول المؤلف رحمه الله: وقولهم نزلت هذه الآية في كذا يراد به تارة أنه سبب النزول، ويراد به تارة أن هذا داخل في الآية وإن لم يكن السبب. ص 48-49

    • وقد تنازع العلماء في قول الصاحب: ((نزلت هذه الآية في كذا)) هل يجري مجرى المسند كما لو ذكر السبب الذي أنزلت لأجله، أو يجرى مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند، فالبخاري يدخله في المسند، وغيره لا يدخله في المسند، وأكثر المسانيد على هذا الاصطلاح، كمسند أحمد وغيره، بخلاف ما إذا ذكر سبباً نزلت عقبه فإنهم يدخلون مثل هذا في المسند”. قول الصاحب: ((نزلت في كذا)) إذا أجريناه مجرى المسند صار معناه أن الأمر حدث في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، فنزلت الآية تفسيراً له، أو بياناً لحكمه، وأما إذا جعلناه ليس جارياً مجري المسند، صار ذلك تفسيراً منه [الصحابي] للآية، وقد يكون صواباً وقد يخالفه غيره. ص 49

    • إذا تعدد ذكر الأسباب الصريحة في نزول الآية فإنها تحمل على أحد أمرين: إما أن الأسباب متعددة والنزول واحد، وإما أن الأسباب متعددة والنزول متعدد. هذا إذا كان كل من الصيغتين صريحا في النزول، أما لو قال أحدهم: ((نزلت في كذا)) [محتملة] وقال الآخر: ((كان كذا فنزلت الآية)) فمعلوم أننا نقدم الثاني؛ لأنه ظاهر، وكذلك لو قال أحدهم: ((سبب نزولها كذا)) والآخر قال: ((نزلت في كذا)) [محتملة] فإننا نقدم الذي قال: ((سبب نزول الآية)) لأنه صريح. ص 50

    • “وهذان الصنفان اللذان ذكرناهما في تنوع التفسير- تارة لتنوع الأسماء والصفات، وتارة لذكر بعض أنواع المسمى وأقسامه كالتمثيلات هما الغالب في تفسير سلف الأمة الذي يظن أنه مختلف”. مثل تفسير: (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ)، حيث فسر بعضهم هذا بالمصلين وهذا فسره بالمتصدقين. ص 51

    • “ومن التنازع الموجود عنهم ما يكون اللفظ فيه محتملاً للأمرين، إما لكونه مشتركاً في اللغة، وإما لكونه، متواطئا في الأصل، لكن المراد به أحد النوعين أو أحد الشيئين كالضمائر”. ص 51-52

    • “ومن التنازع الموجود بينهم ما يكون اللفظ فيه محتملاً للأمرين: وذكر أن اللفظ يكون محتملاً للأمرين بإحدى واسطتين:
      الأولي: أن يكون اللفظ مشتركاً؛ كلفظ العين وما أشبهها.
      والثانية: أن يكون متواطئا في الأصل لكن المراد به أحد النوعين أو أحد الشيئين، والمتواطئ هو الذي طابق لفظه معناه”. ص 54

    • يقول المؤلف: إما متواطئ لكن المراد به أحد النوعين، وهذا عندما يكون في متواطئ له نوعان فيراد به أحدهما، ولكن هذا في الواقع قليل جداً، إلا أنه قد يوجد ويكون تعيين أحد النوعين بحسب السياق. ص 54

    • هل يجوز أن يراد بالمشترك معنياه؟ والصواب أنه يجوز أن يراد به معنياه إذا لم يتنافيا، مثل ما مضي في (قسورة) … أما لو كان بينهما مناقضة فإنه لا يمكن أن يراد به المعنيان، مثل (القرء) بمعنى الطهر وبمعني الحيض، فلا يمكن أن نقول الآية صالحة للمعنيين جميعاً، لأنه يختلف الحكم ولا يمكن أن يجتمعا. ص 55

    • “ومن الأقوال الموجودة عنهم ويجعلها بعض الناس اختلافاً أن يعبروا عن المعاني بألفاظ متقاربة لا مترادفة الأقوال، فإن الترادف في اللغة قليل، وأما في ألفاظ القرآن فإما نادر وإما معدوم، وقل أن يعبر عن لفظ واحد بلفظ واحد يؤدي جميع معناه، بل يكون فيه تقريب لمعناه، وهذا من أسباب إعجاز القرآن.” … وكلام المؤلف صحيح بالنسبة للمعاني، أما بالنسبة للأعيان فإن الترادف فيها كثير. ص 57

    • يظن بعض الناس أن الشك والريب معناهما واحد وليس كذلك كما سيذكر المؤلف، فحينئذ الترادف من كل وجه يقول إنه نادر أو معدوم. ص 57

    • “ومن هنا غلط من جعل بعض الحروف تقوم مقام بعض كما يقولون في قوله: (قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ) (صّ: ٢٤) أي مع نعاجه … والتحقيق ما قاله نحاة البصرة من التضمين فسؤال النعجة يتضمن جمعها وضمها إلي نعاجه”. ص 59

    • علماء النحو اختلفوا فيما إذا تعدى الفعل بغير ما يتعدى به في الأصل. هل يكون التجوز في الحرف أو أنه في الفعل، والصحيح كما قال أنه بالفعل، فيضمن الفعل معنى يتعدى بمثله إلي ما هو متعد إليه الآن. ص 59

    • لماذا هنا قلنا إن تضمين الفعل أولى من التجوز بمعنى الحرف؟ لأن تضمين الفعل يؤدي معنى زائداً على معنى الفعل، بخلاف ما إذا جعلنا الحرف متجوزاً فيه فإنه يبقي الفعل على دلالته لمعناه فقط، ونحول معنى الحرف إلي معنى يناسب لفظ الفعل، فالتضمين إذاً أوضح وأولى. ص 60

    • العلماء قد يفسرون اللفظ بما يقاربه لا بما يطابقه، تقريباً للأذهان. ص 61

    • “وجمع عبارات السلف في مثل هذا نافع جداً؛ لأن مجموع عباراتهم أدل على المقصود من عبارة أو عبارتين”. وذلك لأن عباراتهم المختلفة في اللفظ توجب للإنسان أن يحيط بكل ما تحتمله الكلمة من معنى قاله السلف، ومن أجمع ما يكون في ذلك تفسير ابن جرير- رحمه الله- فإنه جمع من ألفاظهم ما لم يجتمع في غيره، وتفسير ابن كثير كالمختصر له. ص 62

    • “ومع هذا فلا بد من اختلاف محقق بينهم كما يوجد مثل ذلك في الأحكام.” ص 63

    • “والاختلاف قد يكون لخفاء الدليل أو لذهول عنه، وقد يكون لعدم سماعه، وقد يكون لغلط في فهم النص، وقد يكون لاعتقاد معارض راجح، فالمقصود هنا التعريف بمجمل الأمر دون تفاصيله.” ص 63

    • “والاختلاف قد يكون لخفاء الدليل أو لذهول عنه، وقد يكون لعدم سماعه، وقد يكون لغلط في فهم النص، وقد يكون لاعتقاد معارض راجح” يقول: ((قد يكن لخفاء الدليل)) ، ويخفي الدليل بمعنى أنه لا يظن أن هذا دليل على كذا، فهو سمعه لكن خفي عليه أنه دليل، … وقد يذهل عنه، أي: يكون ذاكراً له ولكن نسيه، وقد يكون لعدم سماعه وهذا هو الجهل، وقد يكون الغلط في فهم النص، وهذا قصور الفهم، وقد يكون لاعتقاد معارض راجح، يعني أنه فاهم الدليل، وعالم به لكنه اعتقد أن هناك معارضاً راجحاً يمنع القول بهذا الدليل، إما تخصيص، أو نص، أو تقييد، أو ما أشبه ذلك. ص 63-64

    فصل في نوعي الاختلاف في التفسير المستند إلى النقل وإلى طريق الاستدلال

    • “الاختلاف في التفسير على نوعين: منه ما مستنده النقل فقط، ومنه ما يعلم بغير ذلك، إذ العلم إما نقل مصدق، وإما استدلال محقق، والمنقول إما عن المعصوم وإما عن غير المعصوم، … والمقصود بيان جنس المنقول سواء كان المعصوم أو غير المعصوم، وهذا هو النوع الأول، فمنه ما يمكن معرفة الصحيح منه والضعيف، ومنه ما لا يمكن معرفة ذلك فيه وهذا القسم الثاني من المنقول: وهو ما لا طريق لنا إلي الجزم بالصدق منه عامته مما لا فائدة فيه … وأما ما يحتاج المسلمون إلي معرفته فإن الله تعالى نصب على الحق فيه دليلاً، فمثال ما لا يفيد ولا دليل على الصحيح منه اختلافهم في لون كلب أصحاب الكهف”. ص 64-65

    • “فما كان من هذا منقولاً نقلاً صحيحاً عن النبي ﷺ - كاسم صاحب موسى أنه الخضر- (١) ، فهذا معلوم، وما لم يكن كذلك بل كان مما يؤخذ عن أهل الكتاب- كالمنقول عن كعب، ووهب، ومحمد بن إسحاق (٢) وغيرهم ممن يأخذ عن أهل الكتاب- فهذا لا يجوز تصديقه ولا تكذيبه إلا بحجة”. ص66

    • “وكذلك ما نقل عن بعض التابعين، وإن لم يذكر أنه أخذه عن أهل الكتاب فمتى اختلف التابعون لم يكن بعض أقوالهم حجة على بعض، وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلاً صحيحاً، فالنفس إليه أسكن مما نقل عن بعض التابعين؛ لأن احتمال أن يكون سمعه من النبي صلي الله عليه وسلم أو من بعض من سمعه منه أقوى، ولأن نقل الصحابة عن أهل الكتاب أقل من نقل التابعين.” ص 67

    • ومعلوم أن المنقول في التفسير أكثره كالمنقول في المغازي، والملاحم، ولهذا قال الإمام أحمد: ((ثلاثة أمور ليس لها إسناد: التفسير والملاحم والمغازي)) ويروي: ((ليس لها أصل)) أي: إسناد؛ لأن الغالب عليها المراسيل، مثل ما يذكره عروة بن الزبير (١) ، والشعبي (٢) ، والزهري (٣) ، وموسى بن عقبة (٤) ، وابن إسحاق، فإن أعلم الناس بالمغازى أهل المدينة، ثم أهل الشام، ثم أهل العراق”. ص 70

    • من أعلم الناس بالمغازى؟ فكما قال الشيخ رحمة الله أهل المدينة، ثم أهل الشام ثم أهل العراق، وعلل الشيخ ذلك فقال: “فأهل المدينة أعلم بها؛ لأنها كانت عندهم، وأهل الشام كانوا أهل غزو وجهاد فكان لهم من العلم بالجهاد والسير ما ليس لغيرهم” ص 70

    • “وأما التفسير فإن أعلم الناس به أهل مكة؛ لأنهم أصحاب ابن عباس؛ كمجاهد (١) وعطاء بن أبي رباح (٢) وعكرمه مولي ابن عباس، وغيرهم من أصحاب ابن عباس؛ كطاووس (١) ، وأبي الشعثاء (٢) وسعيد بن جبير (٣) وأمثالهم وكذلك أهل الكوفة من أصحاب عبد الله بن مسعود”. ص 72

    • “وعلماء أهل المدينة في التفسير مثل زيد بن اسلم (١) الذي أخذ عنه مالك التفسير وأخذه عنه أيضا ابنه عبد الرحمن وأخذه من عبد الرحمن عبد الله بن وهب.” ص 73

    • “والمراسيل إذا تعددت طرقها وخلت عن المواطأة قصداً أو اتفاقاً بغير قصد، كانت صحيحة قطعاً، فإن النقل إما أن يكون صدقا مطابقاً للخبر، وإما أن يكون كذباً تعمد صاحبه الكذب أو أخطأ فيه، فمتى سلم من الكذب العمد والخطأ كان صدقاً بلا ريب.” ص 73

    • والمراسيل هي: التي رفعها إلي النبي ﷺ من لم يسمع منه؛ من تابعي أو صحابي، فالمرسل: هو ما رفعه التابعي أو الصحابي الذي لم يسمع من النبي صلي الله عليه وسلم. ص 74

    • قال أهل العلم: إن مراسيل الصحابة حجة، وأما مرسل التابعي فالتابعون يختلفون فمنهم من يقبل مرسله، ومنهم من لا يقبل، فالذين تتبعوا وعرف أنهم لا يرسلون إلا عن صحابي مثل سعيد بن المسيب، فإنه قد قيل إنه لا يرسل إلا عن أبي هريرة فيكون مرسله صحيحاً، والذين ليسوا على هذه الحال ينظر في المرسل نفسه، إذا تعددت طرقه وتلقته الأمة بالقبول فإنه يكون صحيحاً ومثال ذلك حديث عمرو بن حزم، أن النبي ﷺ كتب إلي أهل اليمن كتاباً فيه ذكر الديات والزكاة، ومنه ((وأن لا يمس القرآن إلا طاهر (١))). ص 74

    • الحديث إذا روي مثلاً من وجهين مختلفين من غير مواطأة امتنع عليه أن يكون غلطاً كما امتنع أن يكون كذباً، فإن الغلط لا يكون في قصة طويلة متنوعة وإنما يكون في بعضها. ص 81

    • “جمهور أهل العلم من جميع الطوائف على أن خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقاً له أو عملاً به أنه يوجب العلم.” ص 83

    • “وإذا كان الإجماع على تصديق الخبر موجباً للقطع به؛ فالاعتبار في ذلك بإجماع أهل العلم بالحديث، كما أن الاعتبار بالإجماع على الأحكام بإجماع أهل العلم بالأمر والنهي والإباحة.” ص 84

    • “تعدد الطرق مع عدم التشاور أو الاتفاق في العادة يوجب العلم بمضمون المنقول، لكن هذا ينتفع به كثيراً في علم أحوال الناقلين.” يقول المؤلف رحمه الله: لكن هذا ينتفع به كثيراً من علم أحوال الناقلين. هل الناقل لهذا الكلام من الفقهاء أم من الأصوليين أم من النحويين. ص 85

    • ذكر المؤلف - رحمه الله- أن الإمام أحمد يقول: ((قد أكتب حديث الرجل لأعتبره)) . وليس معنى لأعتبره: أحتج به، لكن المعنى أنني أطلب له شواهد ومتابعات، ولهذا قال ابن حجر في النخبة: ((وتتبع الطرق لذلك يسمي الاعتبار)). ص 86

    • والمتابعات تكون في السند بمعنى أن الراوى يجد متابعاً له في الحديث عن هذا الرجل الثقة. ص 86

    • “وكما أنهم يستشهدون ويعتبرون بحديث الذي فيه سوء حفظ، فإنهم أيضاً يضعفون من حديث الثقة الصدوق الضابط أشياء تبين لهم غلطه فيها بأمور يستدلون بها، ويسمون هذا: ((علم علل الحديث) وهو من أشرف علومهم، بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط وغلط فيه، وغلطه فيه عرف، إما بسبب ظاهر”. ص 87

    • “والناس في هذا الباب طرفان: طرف من أهل الكلام ونحوهم ممن هو بعيد عن معرفة الحديث وأهله، لا يميز بين الصحيح والضعيف فيشك في صحة أحاديث أو في القطع بها مع كونها معلومة مقطوعاً بها عند أهل العلم به، وطرف ممن يدعي اتباع الحديث والعلم به كلما وجد لفظاً في حديث قد رواه ثقة أو رأي حديثا بإسناد ظاهره الصحة يريد أن يجعل ذلك من جنس ما جزم أهل العلم بصحته”. ص 89-90

    • وهذا الذي قاله الشيخ أخيراً، وحكم بأنه طرف يقع فيه كثير من الناس اليوم، فتجدهم يعتمدون على ظاهر الإسناد، ويصححون الحديث بناء على ظاهره، ولا ينظرون إلي الأحاديث الصحيحة التي تعتبر في السنة كالجبال، وهذه المسألة دائما أحذر منها، وأقول: إن مثل هذه الأحاديث التي ليست في الكتب المعروفة المتلقاة عن أهل العلم إذا وردت ولو بسند ظاهر الصحة وهي تعارض الأحاديث الواضحة البينة المتلقاة بالقبول؛ فإنه لا ينبغي للإنسان أن يعتمد عليها. ص 90

    • “حتى إذا عارض الصحيح المعروف أخذ يتكلف له التأويلات الباردة أو يجعله دليلاً له في مسائل العلم، مع أن أهل العلم بالحديث يعرفون أن مثل هذا غلط. وكما أن على الحديث أدلة يعلم بها أنه صدق، وقد يقطع بذلك، فعليه أدلة يعلم بها أنه كذب ويقطع بذلك مثل ما يقطع بكذب ما يرويه الوضاعون من أهل البدع والغلو في الفضائل … وفي التفسير من هذه الموضوعات قطعة كبيرة مثل الحديث الذي يرويه الثعلبي والواحدي والزمخشري في فضائل سور القرآن سورة سورة فإنه موضوع باتفاق أهل العلم.” ص 90-91

    • “وأما النوع الثاني من سببي الاختلاف وهو ما يعلم بالاستدلال لا بالنقل، فهذا أكثر ما فيه الخطأ من جهتين حدثتا بعد تفسير الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان”. ص 94

    • “أحدهما: قوم اعتقدوا معاني ثم أرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها. والثاني: قوم فسروا القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده بكلامه من كان من الناطقين بلغة العرب من غير نظر إلى المتكلم بالقرآن والمنزل عليه والمخاطب به”. ص 95

    • القسم الأول: وهم الذين اعتقدوا شيئاً فأرادوا أن يحملوا معاني الكلام عليه، وهذا كما يكون في العقائد والأمور العلمية يكون كذلك في الأحكام والأمور العملية، تجد الرجل يعتنق مذهباً معيناً ثم يحاول أن يصرف معاني النصوص إلي ذلك المعنى المعين الذي كان يعتنقه سواء في أسماء الله وصفاته، أو في التوحيد، أو ما أشبه ذلك … القسم الثاني: ليس عنده اعتقاد سابق لكنه يفسر القرآن بحسب ما يدل عليه اللفظ، بقطع النظر به وهو الله، وعن المنزل عليه وهو الرسول ﷺ، وعن المخاطب به وهم المرسل إليهم، ينظر إلي الكلام من حيث هو كلام فقط، وهذا أيضاً خطأ، فإنه بلا شك عند جميع الناس أن الكلام يختلف معناه بحسب المتكلم به، وبحسب المخاطب به أيضاً. ص 95-96

    • “فالأولون راعوا المعنى الذي من غير نظر إلي ما تستحقه ألفاظ القرآن من الدلالة والبيان والآخرون راعوا مجرد اللفظ وما يجوز أن يريد به عندهم العربي من غير نظر إلى ما يصلح للمتكلم به والسياق الكلام، ثم هؤلاء كثيراً ما يغلطون في احتمال اللفظ لذلك المعني في اللغة كما يغلط في ذلك الذين قبلهم، كما أن الأولين كثيراً ما يغلطون في صحة المعني على الذي فسروا به القرآن كما يغلط في ذلك الآخرون، وإن كان نظر الأولين إلي المعنى أسبق، ونظر الآخرين إلي اللفظ أسبق.” ص 96-97

    • الواجب على الإنسان أن ينظر إلى اللفظ وينظر إلى قرائنه المحيطة به، من حال المتكلم به والمخاطب والمنزل عليه وما أشبه ذلك. ص 97

    • “والأولون صنفان تارة يسلبون لفظ القرآن ما دل عليه وأريد به، وتارة يحملونه على ما لم يدل عليه ولم يرد به. وفي كلا الأمرين قد يكون ما قصدوا نفيه أو إثباته من المعنى باطلاً فيكون خطؤهم في الدليل والمدلول، وقد يكون حقا فيكون خطؤهم في الدليل لا في المدلول، وهذا كما أنه وقع في تفسير القرآن فإنه وقع أيضاً في تفسير الحديث. فالذين أخطأوا في الدليل والمدلول مثل طوائف من أهل البدع اعتقدوا مذهبا يخالف الحق الذي عليه الأمة الوسط الذين لا يجتمعون على ضلالة كسلف الأمة وأئمتها. وعمدوا إلي القرآن فتأولوه على آرائهم، تارة يستدلون بآيات علي مذهبهم ولا دلالة فيها، وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم بما يحرفون به الكلم عن مواضعه”. ص 97-98

    • “وما من تفسير من تفاسيرهم الباطلة إلا وبطلانه يظهر من وجوه كثيرة، وذلك من جهتين: تارة من العلم بفساد قولهم، وتارة من العلم بفساد ما فسروا به القرآن، إما دليلا على قولهم أو جوابا على المعارض لهم. ومن هؤلاء من يكون حسن العبارة فصيحاً ويدس البدع، في كلامه ـ وأكثر الناس لا يعلمون ـ كصاحب الكشاف ونحوه، حتى إنه يروج على خلق كثير، ممن لا يعتقد الباطل من تفاسيرهم الباطلة ما شاء الله” ص 110

    • “الواجب إبقاء العام على عمومه لأن حصره في واحد من أفراده قصور في التفسير، وكما نعلم جميعاً أن المفسر يجب أن يكون مطابقاً للمفسر، أما أن يخصص فهذا لا يجوز، كما أنه لا يجوز أن يعم أيضاً، فإذا جاء نص في شيء خاص لم يجز أن نجعله عاما اللهم إلا عن طريق القياس، إن كان مما يمكن فيه القياس.” ص 121

    • من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في هذا؛ بل يكون مبتدعاً وإن كان مجتهداً مغفوراً له خطؤه، يعني نحن نصفه بأنه مخطئ وبأنه مبتدع، لأن كل قول في دين الله لم يأت في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا في قول الصحابة والتابعين لهم بإحسان فهو قول مبتدع؛ لأنه محدث، وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ((وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)) ص 123

    • ولكن هل يأثم هذا القائل؟ ينظر إذا كان مجتهداً باذلاً وسعه في طلب الحق ولكن لم يصل إليه فهو مغفور له، ولهذا قال الشيخ رحمه الله: ((وإن كان مجتهداً مغفوراً له خطؤه)). ص 123

    • “والمقصود هنا التنبيه على مثار الاختلاف في التفسير، وأن من أعظم أسبابه البدع الباطلة التي دعت أهلها إلى أن حرفوا الكلم عن مواضعه وفسروا كلام الله ورسوله ﷺ بغير ما أريد به وتأولوه على غير تأويله. فمن أصول العلم بذلك أن يعلم الإنسان القول الذي خالفوه وأنه الحق. وأن يعرف أن تفسير السلف يخالف تفسيرهم، وأن يعرف أن تفسيرهم محدث مبتدع، ثم أن يعرف بالطرق المفصلة فساد تفسيرهم بما نصبه الله من الأدلة على بيان الحق”. ص 126

    فصل في تفسير القرآن بالقرآن، وتفسيره بالسنة وأقوال الصحابة

    • “فإن قال قائل: فما أحسن طرق التفسير؟ فالجواب: إن اصح الطرق في ذلك ان يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر. فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن، وموضحة له، بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي: كل ما حكم به رسول الله صلي الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن، قال الله تعالي: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً) (النساء: ١٠٥) وقال تعالي: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (النحل: ٤٤) وقال تعالي: (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (النحل: ٦٤) ولهذا قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ((ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه (١) يعني السنة والسنة أيضاً تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن لا أنها تتلي كما يتلى”. ص 127

    • وإذا سأل سائل: هل السنة تنسخ القرآن؟ فالجواب: أننا نقول إذا صحت نسخت القرآن، لكن ليس لهذا مثال سليم. ص 129

    • “وحينئذ إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعت في ذلك إلى أقوال الصحابة فإنهم أدري بذلك لما شاهدوه من القرآن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح لا سيما علماؤهم وكبراؤهم؛ كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين”. ص 129-130

    • المعروف أن ابن مسعود لا يأخذ عن الإسرائيليات، وإنما الذي يأخذ ابن عباس. ص 132

    • “كان عبد الله بن عمرو قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب، فكان يحدث منها بما فهمه من هذا الحديث من الإذن في ذلك. ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد، فإنها على ثلاثة أقسام أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق، فذاك صحيح، والثاني: ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه. والثالث: ما هو مسكوت عنه. لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه، وتجوز حكايته لما تقدم، وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني”. ص 132

    • “قال: (فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِراً) ، أي: لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته، ولا تسألهم عن ذلك فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب. فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام وأن ينبه على الصحيح منها ويبطل الباطل وتذكر فائدة الخلاف وثمرته؛ لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته فيشتغل به عن الأهم. فأما من حكي خلافاً في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص إذ قد يكون الصواب في الذي تركه أو يحكي الخلاف ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الأقوال فهو ناقص أيضاً، فإن صحح غير الصحيح عامداً فقد تعمد الكذب، أو جاهلاً فقد أخطأ”. ص 134-135

    • فالإنسان الذي يسوق الخلاف فإن من الأمانة أن ينقل جميع الأقاويل، لأنه كما قال الشيخ ربما يحذف من الأقاويل ما هو أصح، ثم إذا نقل الأقاويل فإن كان لديه حجة ترجح أحد الأقوال وجب عليه أن يبين الراجح حتى لا يدع السامع في حيرة، وإن كان لا يعلم فليس عليه بأس في أن يذكر الخلاف ولا يبين الراجح؛ لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها. ص 135

    فصل في تفسير القرآن بأقوال التابعين

    • “إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين كمجاهد بن جبر فإنه كان آية في التفسير”. ص 138

    • “وقال شعبة بن الحجاج وغيره: أقوال التابعين في الفروع ليست حجة، فكيف تكون حجة في التفسير يعني أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم، وهذا صحيح، أما إذا اجمعوا على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة، فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك إلي لغة القرآن أو السنة أو عموم لغة العرب أو أقوال الصحابة في ذلك”. ص 139

    • الطرق لتفسير القرآن أربعة: القرآن، والسنة، وأقوال الصحابة، وأقوال التابعين، على خلاف في الأخير. فهو - رحمه الله- يرى أنهم إذا اجتمعوا، فقولهم حجة، وإذا اختلفوا، فليس بحجة. ص 140

    تفسير القرآن بالرأي

    • “فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام، حدثنا مؤمَل، قال حدثنا سفيان قال حدثنا عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ((من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار”. ص 140

    • وكذلك أيضاً لو لم يكن عند الإنسان فهم للمعنى اللغوي ولا للمعنى الشرعي الذي تفسر به الآية فإنه إذا قال قولا بلا علم، فيكون آثما، كما لو أن أحداً من العامة فسر آية من القرآن الكريم على حسب فهمه من إلي مستند- لا لغوي ولا شرعي-فإنه يكون حراماً عليه ذلك؛ لأن مفسر القرآن يشهد على الله بأنه أراد كذا، وهذا أمر خطير، لأن الله حرم علينا أن نقول عليه ما لا نعلم. ص 142

    • “كما يجب السكوت عما لا يعلم له به فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه لقوله تعالي: (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) (آل عمران: من١٨٧) ، ولما جاء في الحديث المروي من طرق: من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار”. ص 149

    • “قال ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله تعالي ذكره”. ص 150

    • إذاً هذه أربعة أقسام: تفسير تعرفه العرب من كلامها، وهو ما يعرف في اللغة مثل: الكهف والعرش والسرر ومنضودة والطلح وما أشبه ذلك، والثاني تفسير لا يعذر أحد بجهالته وهو تفسير ما يجب اعتقاده أو العمل به، كتفسير قوله تعالي: (أَقِيمُوا الصَّلاة) فيجب علينا أن نعرف معنى إقامة الصلاة التي أمرنا بها. وكذلك ما يجب علينا اعتقاده كالإيمان بالرسل ونحوهم، فإنه لا يعذر أحد بجهالته، والثالث تفسير يعلمه العلماء مثل العام والخاص والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ وما يتعلق بذلك من الأحكام، فإن هذا ليس كل أحد يعرفه، وليس واجباً على كل أحد بل هو فرض كفاية، وتفسير لا يعلمه إلا الله، فمن ادعي علمه فهو كاذب، كما جاء في بعض ألفاظ الأثر مثل العلم بحقائق صفات الله عز وجل وكيفيتها، وكذلك العلم بحقائق ما أخبر الله به عن اليوم الآخر وعن الجنة والنار وما أشبه ذلك مما لا يمكننا إدراكه، فهذا من ادعى علمه فإنه كاذب، لأنه لا يعلمه إلا الله. ص 150


    Last update : August 31, 2023
    Created : January 2, 2023

    Comments

    Comments