معاني الأذكار

المؤلف:: محمد صالح المنجد
الناشر:: مكتبة العبيكان
سنة النشر:: 2017
الصفحات:: 180
الغلاف:: https://i.gr-assets.com/images/S/compressed.photo.goodreads.com/books/1459620534l/29762415._SY475_.jpg
الصيغة:: PDF
الرابط:: https://www.goodreads.com/book/show/29762415
ISBN:: 9786038047880
الحالة:: كتاب/مكتمل
التسميات:: كتاب/البناء_المنهجي
الغرض:: الدين
المعرفة:: التزكية,
التدريب:: دورة البناء المنهجي,
المؤثر:: الشيخ أحمد بن يوسف السيد,
تاريخ القراءة:: 2022-08-13
معالج:: 1
تقييم الفائدة المستقبلية::


  • ولا يحسنُ بالذاكر أن يغفل قلبه عَنْ معاني ما يلهج به؛ فإن الذكر موضوع لصرف الغفلة، مشروع لحياة القلب، فإذا غفل القلب عما جعل لحياته وعلاه الرين قسا ومرض وتواردت عليه الآفات والعلل. ص 7
  • يقول ابن عباس رضى الله عنه: «إن الله تعالى لم يفرض على عباده فريضة إلا جعل لها حدًا معلومًا ثمَّ عذر أهلها في حال العذر غير الذكر، فإن الله تعالى لم يجعل له حد ينتهي إليه، ولم يعذر أحدًا في تركه إلا مغلوبا على تركه فقال: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [النساء: 103]، بالليل والنهار، في البر والبحر، وفي السفر والحضر، والغني والفقر، والسقم والصحة، والسر والعلانية، وعلى كل حال». ص 12
  • متى يكون العبد من الذاكرين الله كثيرا؟ عَنْ أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضى الله عنهما عَنْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِذَا أَيْقَظَ الرَّجُل أَهْلَهُ مِنَ اللَّيْل فَصَلَّيَا - أَوْ صَلَّى - رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا كُتِبَا فِي الذَّاكِرِينَ وَالذَّاكِرَاتِ». وسئل أبو عمرو بن الصلاح -رَحِمَهُ اللهََ - عَنْ القدر الذي يصير به العبد من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات، فقال: «إِذا واظب على الْأَذْكَار المأثورة المثبتة صباحا وَمَسَاء فِي الْأَوْقَات وَالْأَحْوَال الْمُخْتَلفَة ليلاً ونهاراً، كَانَ مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ». ص 14
  • وروي مسلم (2734) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا». إن هذا مع كل طعام يأكله أو شراب يشربه، يذكر من رزقه وأطعمه وسقاه؛ فيلهَج له بالحمد والشكر، مستحضرًا عظمة المنعم سبحانه. والبركة حاصلة بالذكر بمنع ما يمحقها، والسلامة من تسلط الشيطان، ومشاركته للمرء في طعامه وشرابه. ص 21
  • قَالَ ابنُ القَيِّم رَحِمَهُ اللهََ: «الذِّكْرَ يُعْطِي الذَّاكِرَ قُوةً حَتَّى أَنَّهُ لِيفَعَلُ مَعْ الذكْرِ مَا لَمْ يَظنَّ فِعْلَهُ بِدونِهِ قالَ: وَقَدْ شَاهَدتُ من قُوَّةِ شَيْخ الإِسْلامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ في سُنَنِه وَكَلامِهِ وَإِقْدَامِهِ وَكِتَابَتَه أمْرًا عَجِيبًا فَكَانَ يَكْتُبُ في اليومِ مِنْ التَّصْنِيفِ ما يَكْتُبُه النَّاسِخُ في جُمْعَةٍ وَأَكْثَرْ. وقد شاهد العَسْكرُ من قُوَّتِه في الحرب أمرًا عظيمًا. وقد علَّم النَّبِيُّ ﷺ ابنته فاطمة وعليًّا -رضي الله تعالى عنهما- أن يسبِّحا كل ليلة إذا أخذا مضاجِعَهما ثلاثًا وثلاثين، ويَحْمَدا ثلاثًا وثلاثين، ويكبِّرا أربعًا وثلاثين؛ لمَّا سألَتْهُ الخَادِمَ، وشكَتْ إليه ما تقاسيه من الطَّحْنِ والسَّعْي والخِدْمَةِ، فعلَّمها ذلك، وقَالَ: “إنَّه خَيْرٌ لكما من خادم” فقيل: إنَّ من داوم على ذلك وجد قوةً في بدنه مُغْنِيةً عَنْ خادم». ص 30
  • قَالَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللهََ -: «كُلَّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ اللِّسَانُ وَتَصَوَّرَهُ الْقَلْبُ مِمَّا يُقَرِّبُ إلَى اللَّهِ مِنْ تَعَلُّمِ عِلْمٍ وَتَعْلِيمِهِ وَأَمْرٍ بِمَعْرُوفِ وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ فَهُوَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ». وقَالَ عبد الرحمن بن سعدي - رَحِمَهُ اللهََ -: «وإذا أُطلِق ذِكرُ الله؛ شمل كلَّ ما يقرِّب العبدَ إلى الله؛ مِن عقيدةٍ، أو فِكر، أو عمل قلبيٍّ، أو عمل بدنيٍّ، أو ثناءٍ على الله، أو تعلُّم علمٍ نافع وتعليمِه، ونحو ذلك؛ فكلُّه ذكرٌ للهِ تَعالى». ص 45
  • هل يشترط في الذكر أن يسمع الذاكر نفسه وأن يحرك لسانه؟ الأذكار التي تقال باللسان كقراءة القرآن والتسبيح والتحميد والتهليل، وأذكار الصباح والمساء والنوم ودخول الخلاء وغيرها لا بد فيها من تحريك اللسان، ولا يعد الإنسان ذاكرًا إلا إذا حرك بها لسانه. والفضائل الواردة في الشرع: (مَن قَالَ كذا وكذا فله كذا) لا يحصل هذا الثواب الموعود به إلا بالتلفظ باللسان، وأما مجرد التفكر بالقلب فلا يحصل به هذا الثواب الخاص باتفاق العلماء - نقله ابن حجر الهيتمي- وإن كان يثاب من جهة أخرى وهي التفكر والتدبر. سئل الإمام مالك - رَحِمَهُ اللهََ - عَنْ الذي يقرأ في الصلاة، لا يسمع أحد ولا نفسه، ولا يحرك به لسان. فقال: «ليست هذه قراءة، وإنما القراءة ما حرك له اللسان». ص 49
  • إذا عرف العبد معاني الأذكار التي يتلفظ بها في يومه وليلته وفي عباداته المختلفة أثر فيه الذكر تأثيرا بالغا فجعل منه عبد خاشعا محبًا لله عز وجل، لأن القلب سيستحضر معاني ما يقول فيزداد تعلق بربه ومعبوده وينتفع بالذكر أعظم الانتفاع. فأفضل الذكر ما اجتمع عليه القلب واللسان، قَالَ ابنُ القَيِّم رَحِمَهُ اللهََ: «وَأفضل الذّكر وأنفعه مَا واطأ فِيهِ الْقلب اللِّسَان وَكَانَ من الْأَذْكَار النَّبَوِيَّة وَشهد الذاكر مَعَانِيه ومقاصده». ص 61
  • وأشراكُ الشيطان وحبائله كثيرة، ينصبها لابن آدم وقد قعد له بأطرُقِه ليضله، فتارة يضله بالشهوة، وتارة بالشبهة، وتارة بتسليط أهل الشرّ عليه، وأقل ذلك أن يشغله بالمفضول عَنْ الفاضل، فهو يروم غايته فيه بكل وسيلة تمكنه. وربما بادأه بالفكرة والخطرة، فإن استرسل معه وجاراه طمع فيه؛ حتى تصير الفكرة شهوة، ثمَّ لا يزال به حتى تصير الشهوة عادة، فتضعف حينئذ نفسه عَنْ طلب السلامة، وقد تلطخ قلبه بما تلطخ به مما كان بمنأى من قبل عنه. قَالَ ابنُ القَيِّم رَحِمَهُ اللهََ: «دَافع الخطرة فَإِن لم تفعل صَارَت فكرة فدافع الفكرة فان لم تفعل صَارَت شَهْوَة فحاربها فَإِن لم تفعل صَارَت عَزِيمَة وهِمَّة فَإِن لم تدافعها صَارَت فعلا فَإِن لم تتداركه بضدّه صَار عَادَة فيصعب عَلَيْك الِانْتِقَال عَنْهَا». ص 76
  • المشهور عند الناس ختم الحوقلة ب«العلي العظيم» والصحيح الثابت ما ورد في صحيح مسلم من ختمها بـ «العزيز الحكيم»؛ فعن سعد بن أبي وَقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُُ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى رَسُول الله ﷺ فَقَالَ عَلمنِي كلَاما أقوله قَالَ: «قل: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الله أكبر كَبِيرا وَالْحَمْد لله كثيرا وَسُبْحَان الله رب الْعَالمين لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعَزِيز الْحَكِيم»… وختمها بالعزيز الحكيم أنسب، لأن العزيز من لا يغالب أمره، ولا حول ولا قوة معه، ومع ذلك فهو حكيم يضع الشيء موضعه على مقتضى الحكمة. ص 95-97
  • والحكمة في افتتاح الصلاة بالتكبير تنبيه المصلي على عظم من قام لأداء العبادة له، وأنه أكبر من كل كبير، وأن كل ما سواه حقير صغير. قَالَ ابنُ القَيِّم: «لما كان المصلي قد تخلَّى عَنْ الشواغل وقطعَ جميع العلائق، وتطهر وأخذ زينته وتهيَّأ للدخول على الله تعالى ومناجاته، شُرع له أن يدخل عليه دخولَ العبيد على الملوك، فيدخل بالتعظيم والإجلال، فشُرع له أبلغ لفظ يدل على هذا المعنى، وهو قول «الله أكبر»، فإن في اللفظ من التعظيم والتخصيص والإطلاق ما لا يوجد في غيره، ولهذا كان الصواب أن غير هذا اللفظ لا يقوم مقامه ولا يؤدي معناه ولا تنعقد الصلاة إلا به… فإنه إذا استشعرَ بقلبه أن الله أكبر من كل ما يخطر بالبال استحيا منه أن يشغل قلبه في الصلاة بغيره، فلا يكون موفيًا لمعنى الله أكبر ولا مؤديًا لحق هذا اللفظ ولا أتى البيت من بابه، بل الباب عنه مسدود. وهذا بإجماع السلف: أنه ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها وحضره بقلبه. والمقصود أنه قبيح بالعبد أن يقول بلسانه: الله أكبر، وقد امتلأ قلبه بغير الله؛ فهو قبلة قلبه في الصلاة، ولعله لا يحضر بين يدي ربه في شيء منها. فلو قضى حق الله وأتي البيت من بابه لدخل وانصرف بأنواع التحف والخيرات. فهذا الباب الذي يدخل منه المصلى، وهو التحريم». ص 102-103
  • ويقول حال السجود: «سبحان ربي الأعلى»: دون أن يقول: «سبحان ربي العظيم» ؛ لأن ذكر علو الله هنا أنسب من ذكر العظمة، لأن الإنسان الآن أنزل ما يكون، لذا كان من المناسب أن يثني على الله بالعلو. فانظر إلى الحكمة والمناسبة في مثل ذلك، وكيف أن الصحابة كانوا في السفر إذا علوا شيئا كبروا، وإذا هبطوا واديا سببحوا لأن الإنسان إذا علا وارتفع قد يتعاظم في نفسه ويتكبر ويعلو، فناسب أن يقول: «الله أكبر» ليذكر نفسه بكبرياء الله عز وجل. أما إذا نزل فإن النزول نقص، فكان ذكر التسبيح أولى؛ لتنزيه الله ع وجل عَنْ النقص الذي كان فيه الآن، فكان من المناسب أن يذكر الإنسان نفسه بمن هو أعلى منها. ص 109
  • وكان رَسُولَ اللَّهِ إذا انصرف من صلاته قَالَ: «أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ». وإنما شُرع للإنسان سؤال المغفرة بعد أداء هذه العبادة العظيمة؛ لأنها جديرة بالاعتناء والاهتمام، وكثير من الناس يُفّرط فيها، إما في المشروعات الظاهرة، أو في المشروعات الباطنة. ففي المشروعات الباطنة يفرط تفريطا كثيرة فيستولي الوسواس على صلاته أو أكثرها، وفي المشروعات الظاهرة أيضا لا يخلو الإنسان من تقصير أو تجاوز، ربما يُقّصر في وضع اليدين، وربما التفت في صلاته، وربما أكثر من الحركة في الصلاة لغير حاجة، كما يشاهد من بعض المصلين. ص 116
  • وقَالَ ابنُ القَيِّم رَحِمَهُ اللهََ: «فَعَوَّضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺَ أُمَّتَهُ بِهَذَا الدُّعَاءِ [الاستخارة]، عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ زَجْرِ الطَّيْرِ وَالِاسْتِقْسَامِ بِالْأَزْلَامِ الَّذِي نَظِيرُهُ هَذِهِ الْقُرْعَةُ الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا إِخْوَانُ الْمُشْرِكِينَ، يَطْلُبُونَ بِهَا عِلْمَ مَا قُسِمَ لَهُمْ فِي الْغَيْبِ، وَلِهَذَا سُمِّيَ ذَلِكَ اسْتِقْسَامًا، وَهُوَ اسْتِفْعَالٌ مِنَ الْقَسْمِ، وَالسِّينُ فِيهِ لِلطَّلَبِ وَعَوَّضَهُمْ بِهَذَا الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ تَوْحِيدٌ وَافْتِقَارٌ، وَعُبُودِيَّةٌ، وَتَوَكُّلٌ، وَسُؤَالٌ لِمَنْ بِيَدِهِ الْخَيْرُ كُلُّهُ الَّذِي لَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا هُوَ، وَلَا يَصْرِفُ السَّيِّئَاتِ إِلَّا هُوَ الَّذِي إِذَا فَتَحَ لِعَبْدِهِ رَحْمَةً لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ حَبْسَهَا عَنْهُ، وَإِذَا أَمْسَكَهَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ إِرْسَالَهَا إِلَيْهِ مِنَ التَّطَيُّرِ وَالتَّنْجِيمِ وَاخْتِيَارِ الطَّالِعِ وَنَحْوِهِ. فَهَذَا الدُّعَاءُ، هُوَ الطَّالِعُ الْمَيْمُونُ السَّعِيدُ، طَالِعُ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَالتَّوْفِيقِ، الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ الْحُسْنَى، لَا طَالِعُ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالشَّقَاءِ وَالْخِذْلَانِ، الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ. فَتَضَمَّنَ هَذَا الدُّعَاءُ الْإِقْرَارَ بِوُجُودِهِ سُبْحَانَهُ، وَالْإِقْرَارَ بِصِفَاتِ كَمَالِهِ مِنْ كَمَالِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ، وَالْإِقْرَارَ بِرُبُوبِيَّتِهِ، وَتَفْوِيضَ الْأَمْرِ إِلَيْهِ، وَالِاسْتِعَانَةَ بِهِ، وَالتَّوَكُّلَ عَلَيْهِ، وَالْخُرُوجَ مِنْ عُهْدَةِ نَفْسِهِ، وَالتَّبَرِّي مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ إِلَّا بِهِ، وَاعْتِرَافَ الْعَبْدِ بِعَجْزِهِ عَنْ عِلْمِهِ بِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَيْهَا، وَإِرَادَتِهِ لَهَا، وَأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ بِيَدِ وَلِيِّهِ وَفَاطِرِهِ وَإِلَهِهِ الْحَقِّ.». ص 119-120
  • يستحب للإنسان إذا دخل المسجد أن يقول «اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ»، وإذا خرج أن يقول: «اللهم إني أسألك من فضلك »؛ لما رواه مسلم (713) عَنْ أبي حميد أو عَنْ أبي أُسَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ. وَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ». والسِّرَّ فِي تَخْصِيصِ الرَّحْمَةِ بِالدُّخُولِ، وَالْفَضْلِ بِالْخُرُوجِ أَنَّ مَنْ دَخَلَ اشْتُغِلَ بِمَا يُزْلِفُهُ إِلَى ثَوَابِهِ وَجَنَّتِهُ، فَيُنَاسِبُ ذِكْرَ الرَّحْمَةِ، وَإِذَا خَرَجَ اشْتُغِلَ بِابْتِغَاءِ الرِّزْقِ الْحَلَالِ، فَنَاسَبَ ذِكْرَ الْفَضْلِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10]، قاله الطِّيبِيُّ. ص 124
  • ومناسبة سؤال المغفرة بعد خروجه من الخلاء أن الإنسان لما تخفف من أذية الجسم تذكر أذية الإثم، فدعا الله أن يخفف عنه أذية الإثم كما منّ عليه بتخفيف أذية الجسم، وهذا معني مناسب من باب تذكر الشيء بالشيء. وقيل: إن الْقُوَّةَ الْبَشَرِيَّةَ قَاصِرَةٌ عَنِ الْوَفَاءِ بِشُكْرِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ تَسْوِيغِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَتَرْتِيبِ الْغِذَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُنَاسِبِ لِمَصْلَحَةِ الْبَدَنِ إِلَى أَوَانِ الْخُرُوجِ فَلَجَأَ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ اعْتِرَافًا بِالْقُصُورِ عَنْ بُلُوغِ حَقِّ تِلْكَ النِّعَمِ. ص 129
  • عَنْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺَ إِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. قَالَ المناوي -رَحِمَهُ اللهََ -: «أحوال المؤمن كلها خير، وقضاء الله بالسراء والضراء رحمة ونعمة، ولو انكشف له الغطاء لفرح بالضراء أكثر من فرحه بالسراء، وهو أعلم بما يصلح به عبده. ونبه بهذا الحديث على أن على العبد أن يحمد الله على السراء والضراء، وعلى أن للصابرين حمدا يخصهم وهو الحمد لله على كل حال، وأن للشاكرين حمدا يخصهم وهو الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات». ص 153
  • فيستحب تذكير المحتضر بهذه الكلمة [الشهادة] لتكون آخر ما يتكلم به. ومن لطيف ما يروي في هذا الباب: ما رواه الحاكم في معرفة علوم الحديث عَنْ أبي جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ السَّاوِيِّ وَرَّاقَ أَبِي زُرْعَةَ قَالَ: «حَضَرْتُ أَبَا زُرْعَةَ بِمَاشَهْرَانِ وَكَانَ فِي السَّوْقِ - يعني في الموت - وَعِنْدَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ وَارَةَ، وَالْمُنْذِرُ بْنُ شَاذَانَ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَذَكَرُوا قَوْلَ النَّبِيِّ ﷺَ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»، فَاسْتَحْيُوا مِنْ أَبِي زُرْعَةَ، وَقَالُوا: تَعَالَوْا نَذْكُرُ الْحَدِيثُ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ وَارَةَ: حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحٍ وَلَمْ يُجَاوِزْ وَالْبَاقُونَ سَكَتُوا، فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَهُوَ فِي السَّوْقِ:، ثنا بُنْدَارٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي عَرِيبٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺَ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» وَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ». ص 156
  • عَنْ عمر أن رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلَاءٍ، فَقَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا، إِلَّا عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ البَلَاءِ». قوله: «مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلَاءٍ» أي مُبْتَلًى فِي أَمْرٍ بَدَنِيٍّ كَبَرَصٍ وَقِصَرٍ فَاحِشٍ أَوْ طُولٍ مُفْرِطٍ أَوْ عَمًى أَوْ عَرَجٍ أَوِ اعْوِجَاجِ يَدٍ وَنَحْوِهَا أَوْ دِينِيٍّ بِنَحْوِ فِسْقٍ وَظُلْمٍ وَبِدْعَةٍ وَكُفْرٍ وَغَيْرِهَا. «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ»؛ فَإِنَّ الْعَافِيَةَ أَوْسَعُ مِنَ الْبَلِيَّةِ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْجَزَعِ وَالْفِتْنَةِ وَحِينَئِذٍ تَكُونُ مِحْنَةً أَيَّ مِحْنَةٍ وَالْمُؤْمِنُ الْقَوِيَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ. «وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا» أَيْ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْقَلْبِ وَالْقَالَبِ. «إِلَّا عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَاءِ» أَيْ لَمْ يَرَ أَحَدٌ صَاحِبَ بَلَاءٍ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي إِلَخْ إِلَّا عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَاءِ. قَالَ الترمذي عقبه: «وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا رَأَى صَاحِبَ بَلَاءٍ يَتَعَوَّذُ وَيَقُولُ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ وَلَا يُسْمِعُ صَاحِبَ الْبَلَاءِ». قَالَ النَّوَوِيُّ: «يَنْبَغِي أَنْ يَقُول هَذَا الذِّكْرَ سِرًّا بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَلاَ يَسْمَعُهُ الْمُبْتَلَى لِئَلاَّ يَتَأَلَّمَ قَلْبُهُ بِذَلِكَ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ بَلِيَّتُهُ مَعْصِيَةً فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُسْمِعَهُ ذَلِكَ إِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْ ذَلِكَ مَفْسَدَةً.». ص 161-162
  • عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا، فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ». قوله: «فَقَالَ لِفَاعِلِهِ» أي بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْ إِثَابَتِهِ أَوْ مُطْلَقًا. «جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا» أي خَيْرَ الْجَزَاءِ أَوْ أَعْطَاكَ خَيْرًا مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. «فقد أبلغ في الثناء» بَالَغَ فِي أَدَاءِ شُكْرِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ اعْتَرَفَ بِالتَّقْصِيرِ وَأَنَّهُ مِمَّنْ عَجَزَ عَنْ جَزَائِهِ وَثَنَائِهِ فَفَوَّضَ جَزَاءَهُ إِلَى اللَّهِ لِيَجْزِيَهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى. قَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا قَصُرَتْ يَدَاكَ بِالْمُكَافَأَةِ فَلْيَطُلْ لِسَانُكَ بِالشُّكْرِ وَالدُّعَاءِ. ص 165-166

Last update : August 31, 2023
Created : August 31, 2022

Comments

Comments