محاسن الإسلام نظرات منهجية

المؤلف:: أحمد يوسف السيد
الناشر:: مركز تكوين للدراسات والأبحاث
سنة النشر:: 2017
الصفحات:: 61
الغلاف:: https://i.gr-assets.com/images/S/compressed.photo.goodreads.com/books/1588770844l/38769151._SY475_.jpg
الصيغة:: EPUB, PDF, ورقي
الرابط:: https://www.goodreads.com/book/show/38769151
ISBN::
الحالة:: كتاب/مكتمل
التسميات::
الغرض:: الدين
المعرفة:: التزكية,
التدريب:: ,
المؤثر:: ,
تاريخ القراءة:: 2022-05-18
معالج:: 1
تقييم الفائدة المستقبلية::


05/18/22 (القضيَّة المنهجيَّة الأولى) النظرة الكلية للإنسان والكون والوجود: 9

إنَّ هذا الدِّينَ العظيمَ لا تُفهَم محاسِنه، ولا يُتوصَّل إلى جماليَّاته، إلا بإدراكِ نظرتِه الكليَّة للكون وللوجود، وللدنيا والآخرة، وللإنسان وما وراء وجوده على هذه الأرض. وإذا تأملت كثيرًا مما يُثار من الاستشكالات والاعتراضات ضد أحكام الشريعة فستجد أنها منبعثة من تجزئة النظر إلى الإنسان أو إلى الحياة والوجود، وناشئة من عدم فهم التكامل المُراعى في تشريعات الإسلام والذي يتجاوز إطار المادة الضيق.

05/18/22 (القضيَّة المنهجيَّة الأولى) النظرة الكلية للإنسان والكون والوجود: 10

إنّ الإسلام وهو يتولى تنظيم الحياة الإنسانية جميعًا لم يُعالِج نواحيها المختلفة جُزافًا، ولم يتناولها أجزاءً وتفاريقَ، ذلك أنَّ تصورًا كليًّا متكاملًا عن الألوهية والكون والحياة والإنسان، يَردُّ إليه كافة الفروع والتفصيلات، ويَربط إليه نظرياته جميعًا، وتشريعاته وحدوده وعباداته ومعاملاته، فيُصدِّر فيها كلها هذا التصور الشامل المتكامل، ولا يَرتجِل الرأي لكُلِّ حالة، ولا يعالج كل مشكلة وحدها في عزلة عن سائر المشكلات. ومعرفة هذا التصور الكلي عن الإسلام تُيَسِّر للباحث فيه فَهم أصولِه وقواعدِه، وتسهّل عليه أن يردّ الجزئيات إلى الكليات، وأن يتتبّعَ في لذّةٍ وعمقٍ خطوطَه واتجاهاتَه، ويَلحظَ أنها متشابكةٌ متكاملة، وأنها كلٌّ لا يتجزّأ، وأنها لا تعمل عملًا مثمرًا للحياة إلّا وهي متكاملة الأجزاء والاتجاهات.... وطريقُ الباحثِ في الإسلام أن يتبيّن أوّلًا تصورَه الشاملَ عن الألوهية والكون والحياة والإنسان قبل أن يبحث عن رأيه في الحُكمِ، أو رأيِه في المالِ، أو رأيِه في علاقاتِ الأمم والأفراد، فإنّما هذه فروعٌ تصدر عن ذلك التصوّرِ الكليّ ولا تُفهم بدونه فهمًا صحيحًا عميقًا.

05/18/22 (القضيَّة المنهجيَّة الأولى) النظرة الكلية للإنسان والكون والوجود: 11

وللإسلام تصوّره الأصيل الكامل، يُلتمس في أصولِه الصحيحة، القرآنِ والحديثِ وفي سيرةِ رسولِه ﷺ وسننِه العمليّة، وهذه الأصولُ هي حَسْب أيّ باحثٍ متعمّقٍ ليُدرك تصوّر الإسلام الكليّ الذي يَصدر عنه في كلّ تعاليمه وتشريعاته ومعاملاته.

05/18/22 (القضية المنهجية الثانية) فهم حقيقة التعبد في الإسلام: 14

وإن للإسلامِ طبيعةً خاصةً تختلف عن أي فكرة نظرية يعتقد بصحتها الناس، فإن من يؤدّي عبادة الله على الوجه الذي أراد، ويحسن في ذلك، مع علم وفهمٍ، فإن الله يهبه من جمال الحياة وحُسن المعرفة ومن نور القلب ومن سعادة الروح ما لا يمكن أن يُعبِّر عنه بكلام يكشف ما يجده كما قال من قال من العُبَّاد: «إنا نجد من اللذة والسعادة ما لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف».

05/18/22 (القضية المنهجية الثالثة) محاسن الإسلام في براهينه: 15

إن دين الإسلام قد جاء مبرهَنًا على صحّة كلِّ أصولِه ببراهين قوية متعددة متنوعة، وهذا ما لا تجدّه في أي دينٍ آخر، ولا في أيّ توجهٍ أو تيّارٍ أو مذهبٍ أو طائفة فاسلك ما شئت من سبل البحث عن براهين صحة سائر الأديان وانظر إلى أصولها ومدى استقامة الدليل على إثباتها، ثم اعمل مثل ذلك في الإسلام فلن تجد أي عناء في الحكم بترجيح الإسلام على ما سواه.

05/18/22 القضية المنهجية الرابعة وضوح عقيدة الإسلام في الخالق: 16

لا يوجد تراثٌ لأمةٍ من الأمم المتديّنة فيه تعظيمٌ للإله الخالق سبحانه وتنزيهٌ له عن النقائص وعمّا لا ينبغي أن يكون عليه، كما يوجد في القرآن الكريم وفيما صحّ عن النبي محمد ﷺ من الأحاديث. ولذلك؛ فإن الإسلام قد تمَّيزَ على سائر الديانات بوضوح العقيدة في (الإله) من جهة الكمالات المتعلقة به، ولذا فإن العقل لا يجد تكلفاً في قبول الاعتقاد الإسلامي في الله سبحانه، بخلاف الخرافات والأساطير الموجودة في تصوّرات كثيرٍ من البشر تُجاه الإله، وهذه القضية من أظهر القضايا في دين الإسلام، والاستدلال عليها لا يحتاج إلى كبير عناء، فالقرآن من أوله إلى آخره تمجيدٌ وتعظيمٌ وتنزيهٌ لله سبحانه وتعالى، بينما إذا نظرتَ فيما جاء عن الخالق في سائر الأديان فلن تحتاج إلى كبير جهد لتدرك الفارق بين الإسلام وبين غيره، بل إن المقارنةَ بين الإسلام وغيره في هذا الباب ظالمةٌ. فإذا كانت اليهودية والنصرانية -التي هي أحظى الديانات بتراث الأنبياء بعد الإسلام- قد وصفت الإله ونسبت إليه ما لا يليق به فالنقص في غيرها أولى وأحرى.

05/18/22 القضية المنهجية الرابعة وضوح عقيدة الإسلام في الخالق: 19

وإذا اتضحت العقيدة في الله سبحانه وتعالى فإنّ ما وراء ذلك من أمور الاعتقاد سهلٌ واضحٌ بيّنٌ يسير، بخلاف ما لو كان الأصل غيرَ واضح، فإنَّ تفاصيل الاعتقاد الأخرى سيكون فيها إشكال. فمثلًا الإيمانُ بالمعجزاتِ هو فرعٌ عن الإيمان بالله سبحانه وتعالى القدير العليم الحكيم مسبّب الأسباب وخالقِ الكون وقوانين الكون، وكذلك الإيمان بأصل النبوة هو فرعٌ عن الإيمان بالله سبحانه وتعالى الكامل العظيم العليم الحكيم. فالإيمان بالله أصل الأصول، وهو على عظمته وخطورته ومركزيته فإن بيانه في الإسلام واضح قريب سهل جميل، والحمد لله الذي هدانا لهذا.

05/18/22 (القضية المنهجية السادسة) مقارنة الإسلام بالجاهلية: 23

قال الدكتور محمد عبد الله دراز في كتابه نظرات في الإسلام: «أما رسالة الإسلام فإنها حين بسطت جناحيها في أقل من قرن على نصف المعمور، كانت كأنما أنشأته خلقًا آخر، لقد بدّلته من أوطانه المتفرقة وطنًا واحدًا، ومن قوانينه المختلفة قانونًا واحدًا، ومن آلهته المتعددة إلهًا واحدًا، لقد نفَذت إلى جوهر نفسه فحولته تحويلًا، وبدّلت أسلوب تفكيره تبديلًا، بل عمدت إلى لغته فأضافت لغة القرآن لسانًا إلى جانب لسانه، وكثيرًا ما أنسته لسانه الأصيل، وجعلت لسان الإسلام هو لسانه الوحيد، ثم هي لا تزال في كل عصر تتلقّى معاول الهدم من أعدائها، فتكسر هذه الصدمات على صخرتها، وهي قائمة تتحدى الدهر، وتنتقل من نصر إلى نصر. فلْيُحاول الباحثون ما شاؤوا أن يعرفوا مصدر هذه القوة الغلّابة، وهذا الانتصار الباهر. إنّ هذا النجاح ليس مردُّه في نظرنا إلى سببٍ واحدٍ من الأسباب، ولا إلى فضيلةٍ واحدةٍ من الفضائل، لقد تضافرت عليه شخصيةُ الداعي، ومنهاجُ دعوته، وشخصيةُ الأمة التي تلقّت تلك الدعوة، وطريقةُ الدعوة نفسها، ومن وراءِ ذلك كلِّه كلاءةُ الله ورعايتُه لهذه الرسالة حتى بلغت كمالها». ثم ذكر بعد ذلك ما يتعلق بصاحب الرسالة، ثم ما يتعلق بالرسالة نفسها، ثم انتقل إلى التشريع الإسلامي.

05/18/22 (القضية المنهجية السادسة) مقارنة الإسلام بالجاهلية: 24

هذه النهضة العلمية الطبيعية إنما هي نهضة جزئيةٌ متعلقة بمجالٍ معينٍ، وهو المجال المادّي، فهي نهضةٌ علميةٌ ماديةٌ بحتة، متعلقةٌ بما يخدم الإنسان في حدود عيشه في هذه الحياة من جهة الرفاهية الحسية فقط، ولكن ليس لها أثرٌ إيجابي على الإنسان من جهة قيَمه وأخلاقه، ولا من جهة شؤونه الاجتماعية والأسرية، بل ولا من جهة الإجابة عن أسئلته الغائية الكبرى، فهذا كله بعيدٌ كل البعد عن النهضة العلمية الحديثة وآثارِها، بل إنها ساهمت بشكل أو بآخر في الانحطاط البشري في الجوانب المتعلقة بالأخلاق والقيم والروح والغاية، ليس لأنها تؤدي بالضرورة إلى الانحطاط بل بسبب عدم الاتزان الذي خلّفته في عقول الناس الذين لم يكونوا ينظرون إليها إلا بعين واحدة.

05/18/22 (القضية المنهجية السادسة) مقارنة الإسلام بالجاهلية: 25

وذكر ريتشارد تارناس في كتابه «آلام العقل الغربي» شيئًا من الانحراف القيمي المعاصر المرتبط بالعلم المادي2 قائلًا: «وقد ظل الترابط الوثيق بين البحث العلمي من جهة، وسائر المؤسسات والهيئات السياسية العسكرية، والهيكلية التعاونية يكذِّب صورة العلم الذاتية التقليدية المتمثلة بالطهارة المحايدة، أما الإيمان بامتلاك العقل العِلمي للقدرة الفريدة على الوصول لحقيقة العالم، فقد بدا -ليس فقط ساذجًا معرفيًّا (أبستمولوجيا)- بل وخادمًا، بوعي أو بدونه أغراضًا سياسية واقتصادية محددة، متيحًا في الغالب فُرَص تجنيد مقادير هائلة من الموارد المادية والفكرية لخدمة برامج الهيمنة الاجتماعية والبيئية. فالاستغلال العدائي الجشع للبيئة الطبيعية، التلوث الناجم عن التسلح النووي، التهديد بحصول كارثة كوكبية - ذلك كله لا ينطوي إلا على إدانة العلم وتجريمه، شجب العقل الإنساني بالذات، هذا العقل الذي بات على ما يبدو أسير لاعقلانية الإنسان المفضية حتمًا إلى تدمير الذات. إن الإيمان المتفائل بإمكانية الخروج من مآزق العالم عبر التقدم العلمي والهندسة الاجتماعية المجردين قد خاب. مرة أخرى، يقف الغرب على عتبة الكُفر لا بالدين هذه المرة بل بالعلم وبعقل الإنسان المستقل». انتهى مختصرًا

05/18/22 (القضية المنهجية السادسة) مقارنة الإسلام بالجاهلية: 26

إذا كان أنصار العلم الطبيعي المغالون فيه يقارنون بين حال البشرية بعد النهضة العلمية الحديثة وقبلها، فإنّ لنا تمام الحق أن نقارن بين حال البشرية - وخاصةً في المنطقة العربية - قبل بعثة النبي ﷺ وبعد بعثته، فالانتقالةُ الإصلاحيةُ الإسلامية الهائلة بفضائها الرحب وسَعتها وشموليّتها لا تُقارَن أبداً بالنهضة العلمية الحديثة التي اختزلت الإنسان في إطارٍ ماديٍّ ضيِّق. وشتان بين المقارنتين، بين مقارنةٍ تختزل الإنسان وتفكّكه، وبين مقارنةٍ تنظر إلى الإنسان نظرةً تكامليةً في كل جوانبها.


Last update : August 31, 2023
Created : August 23, 2022

Comments

Comments